“كاوازاكي” موجود في الجزائر منذ 34 عاما ولا علاقة له بـ”كورونا”

“كاوازاكي” موجود في الجزائر منذ 34 عاما ولا علاقة له بـ”كورونا” - الجزائر

أرعب ظهور حالة متلازمة لـ”كاوازاكي” في ولاية باتنة، الثلاثاء، الأولياء والمواطنين على حد سواء لما رافق الإعلان عن الحالة من معلومات مغلوطة وتهويل أحدث جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وربط كثير من الجزائريين ظهور “المرض” بفيروس كورونا، رغم أن ذلك لم يثبته الأطباء ولا الباحثون في المجال العلمي، كما لم تؤكده مختلف الدول التي كانت أكثر عرضة للوباء وسجلت بها أعلى نسبة للوفيات والإصابات لدى الأطفال.

وأكّدت البروفيسور سعيدة براهمي، رئيسة قسم طب الأطفال بالمستشفى الجامعي بن فليس التهامي بباتنة تسجيل أوّل حالة “لكاوازاكي” مرافقة لداء كورونا ويتعلق الأمر بطفل عمره حوالي 32 شهرا، تقطن عائلته في عين التوتة بباتنة، علما أن أفراد عائلة الطفل لا تحمل أية إصابة بـ”الكوفيد19″ حسب التحقيق الوبائي، ونظرا لأن بعض الأبحاث العالمية ترجح علاقة “الكوفيد 19” بـ”كاوازاكي”، ارتأى فريق الطبي اجراء تحليل لوباء كورونا وبالفعل جاء ايجابيا.

وسميت متلازمة “كاوازاكي” كذلك نسبة إلى طبيب الأطفال توميساكو كاوازاكي الياباني الذي توفي في 10 جوان الماضي عن عمر ناهز 95 عامًا، الذي اكتشف المرض لأول مرة في ستينيات القرن الماضي، عندما كان طبيبًا مبتدئًا، ولاحظ أعراض المتلازمة أثناء علاجه أطفالاً مصابين بالحمى وأحمرارا في العينين وطفح جلدي من دون أسباب واضحة.

البروفيسور موسى عشير: العاصمة سجّلت أكثر من 250 حالة منذ 2006
وأوضح البروفيسور عشير موسى، رئيس مصلحة طب الأطفال بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة الجيلالي بلخنشير “بئر طرارية” بالأبيار أنّ الجزائر تعرف متلازمة كاوازاكي منذ سنوات الثمانينات، وسجلت بها أول حالة في حدود عام 1986، ويؤكد المختص أن المرض نادر جدا في العالم وفي الجزائر، حيث يعود ظهوره على المستوى العالمي إلى عام 1950 ويحمل اسم مكتشفه الطبيب الياباني “كاوازاكي”.

ومنذ عام 2006 إلى غاية 2020 عرفت ولاية الجزائر 250 حالة إصابة بمتلازمة “كاوازاكي”.

وطمأن البروفيسور عشير الأولياء بشأن ما يشاع من أخبار مغلوطة تؤكد علاقة المرض بفيروس كورونا في الجزائر، مؤكدا أنها ليست مرضا معديا، لكنه لم يستبعد أن تسجل إصابات لهذا السبب على اعتبار أن مصدر المرض هو التهاب فيروسي أو حساسية من سموم بكتيرية، وبما أنّ “كورونا” فيروس، فقد يسجل لاحقا إصابات لهذا السبب، لكن هذا يظل احتمالا ضعيفا جدا.

وقال عشير أن مصلحتة التي توجه إليها معظم الإصابات من هذا النوع على مستوى ولاية الجزائر لكونها مصلحة مرجعية في هذا المجال لم ترتفع بها نسبة الإصابات عن المعدلات المعتادة وتراوحت خلال الأربعة أشهر الأخيرة بين 3 إلى 4 حالات ولو أنّ عكس ذلك حدث لتم التأكيد ربما على وجود علاقة بين “الكوفيد” وظهور “الكوازاكي” لدى الأطفال.

وأكّد البروفيسور عشير أن مصلحته تعد مصلحة مرجعية لما أسهمت فيه من دراسات دولية في مجال تشخيص متلازمة “كاوازاكي” وتحديد تردداتها وانتشارها.

وقال المختص أنّ أطروحة بحث شارك فيها عديد الأطباء والمصالح الاستشفائية بالعاصمة نشرت في مجلة متخصصة لطب الأطفال سمحت بالوقوف على مختلف أعراض المتلازمة وشخصتها بشكل مستفيض باتت مرجعية لعديد الأبحاث الدولية وذلك بين 2015 و2016، أين تم الوقوف عند المتلازمة مجددا وتحليلها بشكل مفصّل.

وركّز البروفيسور عشير على أهمية التشخيص المبكر للمرض في مدة لا تتجاوز الشهر والنصف على الأكثر من التعرض لأي فيروس، فالتشخيص في الأيام الـ9 الأولى ينقذ حياة المصاب ويسمح له بالتداوي بالبروتوكولات العلاجية المتاحة في هذا السياق، محذّرا من الاستهتار أو التهاون في زيارة الأطباء، لأن ذلك قد يكلفهم حياة أبنائهم.

وأوضح المتحدث أن الأطباء الجزائريين تلقوا تكوينا خاصا لمعرفة الأعراض وتقديم العلاج المناسب ضمن برامج تكوينية مختلفة شملت عديد ولايات الوطن.

البروفيسور مصطفى خياطي: هذه هي أعراض متلازمة “كاوازاكي”
ويؤكد البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ورئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى بلفور سابقا أنّ “كوازاكي” متلازمة تجمع مجموعة من الأعراض أصلها غير معروف، تصيب الأطفال ما دون الخامسة وقد تصيب من هم دون العاشرة أيضا بنسبة أقل.

ويتميز هذا المرض، حسب المختص، بالالتهاب الحاد في الأوعية وأغشية الشرايين، خاصة القلب وضعف تدفق الدم واضطرابات في وظائف الجسم، ومن أهم أعراضه الحمى التي تستمر لأكثر من 5 أيام والطفح الجلدي والتهاب العينين واحمرار في البلعوم وتجويف الفم وشفاه حمراء ومتشققة، وتورم في أكف اليدين والقدمين وتضخم العقد اللمفاوية في الرقبة.

وتكمن خطورة المرض استنادا إلى البروفيسور خياطي في تمدد الشرايين بتدفق الدم إلى القلب والتهاب الشرايين كذلك ما قد ينذر بالموت.

الدكتور خالد السعيد: اطمئنوا لا علاقة لـ”كوفيد 19″ بمتلازمة “كاوازاكي”
وفي سياق ذي صلة، قدم الدكتور خالد السعيد، رئيس اتحاد الأطباء الجزائريين لناحية الشرق مجموعة من التوضيحات أهمها أن “كاوازكي” مرض نادر معروف منذ مدة من الناحية الطبية، تعود أسبابه إلى الأمراض المرتبطة بالتعفن.

وتكون أعراضه مشابهة لكل أمراض الالتهاب الناجمة عن أي تعفن، مثل “الالتهاب الحاد في الأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة القدر، الحمى، الطفح الجلدي والحساسية، التهاب الصفحات المخاطية في الفم والأنف، التهاب العينين، احمرار البلعوم، تجويف في الفم، تورم في أكف اليدين والقدمين، تضخيم العقد اللمفاوية”.

وفي حديثه للإذاعة الوطنية، أفاد المتحدث أنه إلى حد الساعة لم تثبت علاقته بكوفيد 19 ماعدا ما تعلق بكونه من مخلفات الفيروس على سبيل التخمين العلمي ويسمى مرض كاوازاكي بمتلازمة العقد اللمفاوية.

وأشار الدكتور خالد السعيد إلى أن لهذا المرض علاجا إذا ما تم اكتشافه مبكرا، مؤكدا أن أهل الاختصاص في طب الأطفال والأمراض القلبية وأمراض التهاب المفاصل هم من يمكنهم تشخيص هذا المرض.

ونصح الطبيب خالد سعيد المواطنين، بضرورة الابتعاد عن التهويل والتهوين، وترك هذه الشؤون للأطباء وأهل الاختصاص، وعدم الخوض في المغالطات التي أشارت إلى كون كاوازاكي فيروس، وهو مرض غير مُعد تماما.

مواقع التواصل الاجتماعي تنفجر مع “كاوازاكي”
تفاعل آلاف الجزائريين مع المنشورات التي تكررت في مختلف الصفحات الفايسبوكية المتخصصة والعامة والتي حمل بعضها أخبارا مغلوطة وتحمل كثيرا من الهلع والخوف، ما جعل العديد من الأولياء يرفعون أكف الدعاء والتضرع لله بأن يحمي ابناءهم من هذا “المرض” الذي يكتشفونه لأول مرة بالنسبة للكثيرين.

وعلق البعض بأننا “لم نرتح بعد من وباء كورونا ليقتحم حياتنا مرض “كاوازاكي”.. اللهم الطف بنا وارفع بلاءك عنا”.

وحاول آخرون نشر معلومات وتصريحات علمية للحد من مخاوف الآباء وتوجيههم نحو المعلومات الصحيحة.