قطاع المحروقات يتعزز في 2019 بقانون جديد يفتح آفاقا واعدة للاستثمار

الجزائر – تعتبر التعديلات الجوهرية التي أدرجت على قانون المحروقات لاسيما في شقيه التعاقدي والجبائي لتعزيز جاذبية الاستثمار و كذا اختيار الجزائر لتكون على رأس ثلاثة منظمات طاقوية دولية بداية من 2020 من أبرز محطات قطاع الطاقة خلال سنة 2019 .

و تعتبر المراجعة العميقة التي طالت قانون المحروقات من أهم الخطوات التي اتخذتها الحكومة في المجال الطاقوي في 2019 بهدف جعل القطاع اكثر جاذبية بالنسبة للشركاء الأجانب بعد سنوات من ركود الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي .

و أمام تسجيل الجزائر تقلصا في كميات الانتاج (الغازي و النفطي) خلال السنوات الأخيرة في ظل التزايد المستمر للاستهلاك الوطني في هذا المجال، لجأت الحكومة الى مراجعة النظام القانوني الحالي للمحروقات لجعله أكثر تكيفا مع المستجدات الحاصلة في سوق المحروقات على المستوى الدولي.

و عملت الحكومة من خلال هذه المراجعة على تفادي “عجز هيكلي” بين العرض والطلب كان متوقعا ابتداء من 2025 .

وتضمن الاحكام الجديدة المدرجة في قانون المحروقات الجديد تعزيز الدور الاقتصادي والمالي والتقني للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك.

كما ينتظر من القانون الجديد المنظم لنشاط المحروقات المصادق عليه من طرف غرفتي البرلمان استرجاع جاذبية الاستثمار في المجال المنجمي الوطني في ظل وضع دولي تطبعه المنافسة الشرسة واستقطاب الشركات الأجنبية التي تحوز على التكنولوجيات الحديثة والتمويلات اللازمة لتطوير الموارد الوطنية من المحروقات.

 و في مجال المحروقات غير التقليدية و استكشاف في عرض البحر (الأوفشور)، التي تبين الدراسات توفرها بإمكانيات هائلة بالجزائر، يسمح القانون الجديد بتعزيز الاستثمارات في هذا القطاع في اطار شراكات مربحة.

ورافق مراجعة قانون المحروقات، تعديل القانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية الذي يسمح بفصل النظام الجبائي لقطاع المحروقات عن قوانين المالية من خلال  مراجعة المادة 18 من القانون الحالي.

وتنص هذه المادة على أن” قوانين المالية تنص دون سواها على الأحكام المتعلقة بوعاء ونسب وكيفيات تحصيل الاخضاعات مهما كانت طبيعتها وكذا في مجال الاعفاء الجبائي”.

و يتضمن التعديل، اضافة فقرة جديدة تنص على أنه يمكن ادراج النظام الجبائي المطبق على النشاطات الأفقية المرتبطة بقطاع المحروقات ضمن “قانون خاص”.

و تستثني نفس المادة الأحكام المتعلقة بالإعفاءات الجبائية من هذا التعديل و تبقي هذه الاعفاءات من صلاحيات قوانين المالية.

 

سوناطراك تحافظ على علاقتها مع الشركاء الاجانب

 

اما على مستوى الشراكة فقد سجل في سنة 2019،  توقيع  العديد من عقود شراكة و التعاون بين الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك و شركات نفطية اجنبية على غرار الشركة البرتغالية “الب” و المجمعيين الطاقوييين الايطاليين اديسون و إيني، اضافة الى المجمع الطاقوي الفرنسي إنجي .

وقد وقعت الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك مع المجمع الطاقوي الايطالي “إيني” على بروتوكول تفاهم حول تجديد عقد تموين ايطاليا بالغاز الجزائري.

و كان المجمعان قد اتفقا في 2018 على المبادرة بمفاوضات تجارية بهدف تمديد عقد التموين بالغاز الى ما بعد نهاية الاجل التعاقدي و الذي كان مقررا سنة 2019.

و بعد تسوية نزاعهما سنة 2017 تعززت علاقات “سوناطراك” و”إيني” بالتوقيع على العديد من المشاريع في الجزائر في مجالات الاستغلال والاستكشاف في عرض البحر و الطاقات المتجددة .

و في اطار تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين المجمعيين، وقعت “سوناطراك” مع “ايني” على اتفاقيتين بشأن تجديد العقد طويل الأجل لبيع/ شراء الغاز الطبيعي الموجه للسوق الإيطالية والشروط الجديدة لمواصلة الشراكة المتعلقة باستغلال تشغيل نظام النقل “تي ام بي سي”.

ويخص هذا التعاون مجال استغلال المحروقات، لاسيما تجديد عقد بيع/شراء الغاز الطبيعي الجزائري الموجه للسوق الايطالية واتفاقية الشراكة لنقل الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب بين الجزائر وإيطاليا مرورا بتونس.

و مع الشركاء الاسبان، وقعت سوناطراك والمجموعتين الإسبانيتين “سيبسا” و”ناترجي” تنازل عن حصص المتعامل “سيبسا” في خط أنبوب نقل الغاز العابر للبحر البيض المتوسط (مدغاز) لصالح مجمع سوناطراك.

و بناء على هذا الاتفاق ستنتقل حصة سوناطراك في أنبوب خط نقل الغاز العابر للبحر الأبيض المتوسط من 43 بالمائة إلى 51 بالمائة.

وعليه، ستصبح سوناطراك المساهم الأكبر في خط أنبوب نقل الغاز العابر للبحر  الأبيض المتوسط بعد الموافقة على الصفقة من قبل السلطات الأوروبية المشرفة على المنافسة.

للتذكير، يعتبر خط أنبوب نقل الغاز العابر للبحر الأبيض المتوسط خط مباشر يربط بين بني صاف في الجزائر وألميريا في إسبانيا.

وعلى أساس هذه الاتفاقية ستعزز شركة سوناطراك دورها كممون موثوق فيه في سوق الغاز بشبه الجزيرة الايبيرية.

من جهة اخرى، وقعت سوناطراك مع الشركة البرتغالية “جالب” (Galp) اتفاقيات لتزويد السوق البرتغالي بالغاز الطبيعي الجزائري بحجم 5ر2 مليار متر مكعب سنويا و ذلك تمديدا للاتفاقيات التي تجمع الشركتين منذ 25 سنة.

و تقوم سوناطراك و “جالب”، من خلال هذه الاتفاقيات ب”تمديد شراكتهما التاريخية لمدة 10 سنوات إضافية .

ووقعت سوناطراك و المجمع الطاقوي الايطالي “اديسون” على اتفاق يقضي بتجديد عقد بيع/شراء الغاز الطبيعي الجزائري لفائدة ايطاليا لمدة ثمان (08) سنوات.

و سيسمح هذا الاتفاق الذي سبقته عمليات تجديد اخرى للعقود على التوالي مع الشركتين الايطاليتين ايني و اينال، بتعزيز مكانة سوناطراك في السوق الايطالية و المحافظة على موقعها كأهم الممونين لهذا البلد من الغاز الطبيعي.

و مع الطرف الفرنسي، أبرمت سوناطراك عقود متوسطة وطويلة المدى مع مجمع “أنجي” بخصوص بيع وشراء الغاز الطبيعي المسال والغاز عبر الأنابيب.

 

رهان تطوير الطاقات المتجددة

 

فضلا عن الجهود الرامية الى استقطاب الاستثمار في مجال الطاقة، تراهن السلطات العمومية على تطوير قطاع الطاقات المتجددة حيث عمدت في هذا الاطار على انشاء المحافظة الوطنية للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية. 

و تهدف هذه المحافظة التي يشرف عليها البروفيسور نور الدين ياسع الى تدعيم الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقات المتجددة و اعطاء دفع لتجسيدها.

و ستحدد المحافظة المدعمة بمجموع القطاعات المعنية، على اساس الاستراتيجية الوطنية، الاستراتيجيات القطاعية في مجال الطاقة المتجددة و الفعالية الطاقوية.

كما تتكفل أيضا بمهمة المشاركة في اعداد المخططات القطاعية و الاقليمية في مجال الطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية.

من جهة أخرى، ستسمح هذه المحافظة بمواجهة العراقيل والصعوبات الميدانية التي اعترضت تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية و التي تتمثل  خصوصا في نقص التنسيق بين القطاعات المختلفة وعدم كفاية القدرات التقنية الوطنية للإنجاز وعدم ملائمة طرق التمويل الحالية.

و كانت  السلطات العمومية قد اعتمدت منذ فبراير 2011 البرنامج الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية بآفاق عام 2030 في إطار التخطيط للمستقبل الطاقوي للبلاد بالنظر للطلب المتزايد على الطاقة.

و يتمثل اهم هدف من الأهداف المحددة في مجال الطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية في إنتاج حوالي 22.000 ميغاواط انطلاقا من الموارد المتجددة في آفاق 2030.

من جانب اخر، جددت الجزائر اهتمامها بالتعاون مع المجمع  الدولي ” ديزرتيك” بهدف تعزيز قدرات انتاج الطاقات المتجددة .

بدوره، أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في خطابه الاول للامة، عقب أداءه لليمين الدستورية، على أن الدولة ستعمل على “تشجيع قطاع الطاقة و خصوصا الطاقات المتجددة و النظيفة (..) من الضروري ايضا تعزيز تواجدنا  الطاقوي في القارتين الآسيوية و الاوروبية و تعزيز صادراتنا الطاقوية خصوصا من الطاقات المتجددة “. 

  

الجزائر تترأس ثلاث منظمات طاقوية دولية هامة خلال سنة 2020

 

و على الصعيد الدولي ، تم في سنة 2019 اختيار  الجزائر لتكون على رأس ثلاث (3) منظمات طاقوية دولية هامة و المتمثلة في كل من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) الى جانب منتدى الدول المصدرة للغاز، و ذلك اعتبارا من سنة 2020 مما يدل على مكانة الجزائر في الساحة الطاقوية العالمية.        

وينتظر أن يكون للجزائر دور فعال في تكريس الحوار و دعم  التعاون المشترك في اطار نشاط هذه الهيئات الدولية .

و من المرتقب أن تحتضن الجزائر الاجتماع الوزاري الثاني و العشرين لمنتدى الدول المصدرة للغاز في نوفمبر 2020 .

على صعيد التزاماتها الدولية دائما ، ضلت الجزائر حريصة على احترام بنود اتفاق التعاون المبرم بين “أوبك” وشركائها غير الاعضاء، حيث وافقت على اقرار تخفيضات اضافية لإنتاج النفط  بمعدل 500 الف برميل في اليوم بداية من 1 يناير 2020 . و تقدر حصة الجزائر منها ب 12 الف برميل في اليوم (ب/ي).