
قالمة – تشهد ولاية قالمة في السنوات الأخيرة تركيزا متزايدا لدى الناشطين في القطاع الفلاحي على إنشاء أحواض السقي التي يرون فيها وسيلة فعالة لمواجهة ظاهرة الشح المائي.
و يأتي التوجه نحو إنشاء أحواض السقي بعد تفاقم ظاهرة الشح المائي المرتبطة بتغيرات المناخ بالمنطقة بالنظر لنقص تساقط الأمطار وجفاف المجاري المائية وتراجع منسوب سد بوهمدان بحمام دباغ ,مما ادى الى نقص تموين محيط السقي الفلاحي بالحصص اللازمة من المياه والتي كانت تفوق سنويا ما معدله 20 مليون متر مكعب .وقد اثر ذلك على معدلات الانتاج الفلاحي.
و في هذا الإطار، أوضح مدير المصالح الفلاحية بقالمة السيد رشيد رحامنية أن “هذه الوضعية ورغم انعكاساتها السلبية على القطاع الفلاحي فقد كانت من جهة أخرى حافزا قويا للفلاحين بالولاية من أجل التفكير الجدي في إيجاد وسائل ناجعة لتخزين مياه الأمطار و استغلال المياه الجوفية في أغراض فلاحيه وذلك من خلال الإقبال على إنجاز أحواض للسقي الفلاحي وهياكل تخزين المياه مع استبدال أنظمة الري التقليدية بوسائل أكثر ترشيدا لاستخدام هذا المورد الطبيعي الحيوي”.
و أفاد ذات المسؤول بأن “الولاية تحصي حاليا ما يزيد عن 30 حوضا للسقي الفلاحي موزعة عبر مختلف البلديات منها بوعاتي محمود والنشماية وبلخير وتاملوكة وعين بن بيضاء”.
و أشار في هذا السياق الى أن قدرات استيعاب هذه الأحواض كبيرة ومتفاوتة ما بين هيكل مائي وآخر بحيث يوجد منها ما هو صغير نسبيا بقدرة استيعاب تصل إلى 5 آلاف متر مكعب في حين أحواض أخرى تصل طاقتها إلى 70 ألف متر مكعب.
و أردف المتحدث قائلا بأن الإقبال على إنشاء أحواض السقي المغطاة بالبلاستيك “الجيومومبران” وحفر الآبار العميقة يعرف ديناميكية متسارعة بالولاية في ظل التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية والتحفيز الذي تقدمه لمرافقة الفلاحين والوقوف معهم لمواجهة الشح المائي، معتبرا بأن عام 2024 سيكون بامتياز سنة توسع استخدام الأحواض المائية بالولاية.
و ذكر بأن مديرية المصالح الفلاحية بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية ومختلف الهيئات الإدارية التي لها علاقة بملف الري الفلاحي تقوم بعمل تحسيسي وتوعوي كبير وسط أصحاب الأراضي الفلاحية من أجل تعريفهم بالتسهيلات التي وضعتها الدولة لإنشاء هياكل استخراج وتخزين المياه واقتناء معدات السقي المتطورة، مبرزا بأن المصالح الفلاحية أحصت ما يزيد عن 10 طلبات جديدة لإنشاء أحواض مائية مغطاة بالبلاستيك تتعلق بمزارع نموذجية أو حتى مستثمرين خواص في القطاع الفلاحي.
و إستنادا لنفس المصدر فإن إنشاء أحواض السقي وتوسيع الاعتماد عليها سيكون عاملا مهما لتطوير القطاع الفلاحي بالولاية وإبعاده عن تداعيات التغيرات المناخية من خلال ضمان كميات هامة من المياه عبر كامل مراحل المسار التقني لمختلف الشعب الفلاحية بما في ذلك توفير مياه السقي للمواشي والدواجن.
مرافقة ودعم الفلاحين لإنشاء أحواض السقي
من جهتها صرحت رئيسة مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية لوأج أن الدولة قدمت العديد من التسهيلات للفلاحين لتدعيمهم ماديا وتقنيا بغية إنشاء الآبار العميقة والأحواض المائية المغطاة بالبلاستيك وكذا اقتناء تجهيزات السقي بالتقطير وبالرش، مبرزة بأن السنوات الثلاثة الأخيرة تعرف تزايدا ملحوظا في إقبال الفلاحين على الاستفادة من هذه الصيغ.
و أوضحت السيدة خضرة حامي أن الدولة تقدم دعما هاما للراغبين في إنشاء هياكل تخزين المياه الموجهة للسقي الفلاحي، مشيرة الى أن هذا الدعم المالي بإقليم الولاية تصل نسبته إلى 50 بالمائة من التكلفة الإجمالية للحوض المائي المنجز بالإسمنت المسلح والذي تفوق طاقة استيعابه 100 متر مكعب في حين تصل نسبة الدعم إلى 80 بالمائة من التكلفة الإجمالية لإنشاء حوض مائي مغطى بالبلاستيك بسعة تتراوح ما بين 1500 متر مكعب إلى 15 ألف متر مكعب من المياه.
و بدوره، أبرز السيد براهيم بوستة مدير المزرعة النموذجية “ريشي عبد المجيد” التي تتربع على مساحة 1014 هكتارا وتقع ببلدية بلخير بأنه “وبمرافقة المصالح الفلاحية لولاية قالمة تم بين سنوات 2019 و2023 القيام بعدة استثمارات من بينها إنجاز ووضع حيز الخدمة لحوضين كبيرين لتجميع مياه السقي الفلاحي أحدهما ب20 ألف متر مكعب والاخر حوض مغطى بالبلاستيك “جيومومبران” بطاقة استيعاب كبيرة تصل إلى 50 ألف متر مكعب من المياه.
و أضاف نفس المصدر أنه “تم أيضا إنجاز و تجهيز بالمعدات المتطورة لبئرين عميقين للاستغلال الفلاحي أحدهما بعمق يصل إلى 200 متر طولي والثاني بعمق 180 متر طولي وذلك لضمان توفير المياه طوال مراحل السنة”.
أم البواقي | محيط السقي الفلاحي.. لتعزيز وحشد المورد المائي