غرداية/صناعة تقليدية : “ركود” الزربية التقليدية بسبب تراجع التسويق

غرداية/صناعة تقليدية : “ركود” الزربية التقليدية بسبب تراجع التسويق - الجزائر
غرداية/صناعة تقليدية :

غرداية – تشهد الزربية التقليدية المنسوجة من الصوف يدويا بغرداية والتي تشكل مصدر دخل الكثير من النساء والعائلات الريفية, حالة من “الركود” والمنافسة الغير المتساوية بسبب رواج الزربية التي تنجها مصانع متخصصة في هذا النوع من المنتوج الفني للمرأة بالجزائر العميقة.

وانعكس تراجع تسويق هذا المنتوج المصنوع من الصوف الخالص على دخل المرأة الريفية بشكل “ملحوظ” وأيضا لدى تجار الزرابي التقليدية بسوق غرداية, التي هجرها المشترون سيما السياح الأجانب, وكذا إقبال الزبائن المحليين على الزربية الصناعية التي تباع بأسعار مخفضة.

وفي هذا الصدد, أعرب تاجر الزرابي بسوق غرداية, مصطفي بن زايط, عن أسفه إلى ما آلت إليه الزربية التقليدية, قائلا : “هناك تراجع كبير في نشاط الزربية التقليدية من حيث الترويج بالإضافة إلى منتجات تقليدية أخرى بسبب غياب الزبائن فضلا عن المنافسة الشرسة من قبل الزربية الصناعية التي تباع بأثمان مغرية”.

وأضاف أن ”الزربية التقليدية, التي تنسجها حرفيات وأغلبهن ماكثات في البيت, تمر بركود غير مسبوق من حيث تسويقها, نظرا لسعرها المرتفع مقارنة بثمن الزربية الصناعية, فضلا عن غياب السياح الأجانب سيما بعد انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19), وما فرضه من غلق للحدود”.

وذكر السيد بن زايط أن كل عائلة غرداوية تمارس حرفة النسيج التي تدخل ضمن نشاطها اليومي العادي, حيث تعمل نحو 15.000 مرأة حرفية بالبيت أو بتعاونيات سيما بمدينتي المنيعة وبني يزقن.

واعتبر من جهته, تاجر الزرابي بسوق غرداية, الحاج بكير, أن “الصناعة التقليدية سيما نسج الزرابي, تعد ركيزة الاقتصاد المحلي”, لافتا أن مصيرها مرتبط بالسياح ومنظمي الرحلات الدولية والداخلية.


اقرأ  أيضا :      غرداية: تأجيل الطبعة الـ 51 للعيد الوطني للزربية …


وبدورها ذكرت الحاجة فاطمة (ربة بيت) قاطنة بالحي الشعبي ثنية المخزن, أن صناعة الزرابي تعتبر مصدر دخل عديد النساء, وتحظي باهتمام كبير من طرف العائلات الريفية, موضحة في ذات الوقت أن هذا التراث يتعرض “للخطر” بسبب عدم ضمان – حسبها ”تسويق ناجع”.

وترى أن “حل هذه المشكلة يتطلب تظافر جهود الفاعلين الاقتصاديين والمسؤولين على الصعيدين الوطني والمحلي من أجل ترقية وتسويق هذا المنتوج الهام الذي يعتبر مفخرة لكل منطقة من الوطن”.

وتعد صناعة الزربية التقليدية اليدوية مهنة خاصة بالمرأة ”بامتياز”, بالإضافة إلى ما تحمله من أبعاد اقتصادية وثقافية تعكس مدى إبداع المخيال الاجتماعي و التقاليد الشفوية التي تتشبث بها الحرفيات.

ويمكن بواسطة الرموز والرسوم المنقولة والمتوارثة بأمانة وبكل دقة ومهارة لكل مبتدئ أن يحدد و بكل سهولة مصدر الوسط الذي نسجت فيه كل زربية.

 

— لوحة مزخرفة تنقل رسائل من جيل إلى آخر —

 

وينظر للزربية عموما على أنها لوحة مزخرفة تضفي الإشراق و تزين داخل المنازل عند استعمالها ديكورا منزليا, كما أنها تنقل أيضا رسائل تعكس ثقافة فنية غنية ومتنوعة بحيث يعتبر العنصر النسوي الركيزة الأساسية للحفاظ عليه ونقله من جيل إلى آخر.

وتشكل كذلك “وسيطا” حقيقيا ينقل معالم تاريخ و ثقافة التي لها صلة بالركيزة الاجتماعية وتبرز الحياة اليومية للنساجات من خلال التعبير عبر رموز معقدة وأشكال هندسية ورسومات مجردة ذات دلائل معبرة.

كما أنها تعبر أيضا بكل أمانة من خلال رموز مميزة الانتماء عن الوسط الإجتماعي لكل منطقة من الجزائر العميقة, وتبرز ثقافة وعادات الأجداد, حيث تمتلك كل منطقة دليلا للرسومات و الرموز و الزخارف الفنية الخاصة بها في الزربية والتي تتمثل عموما في الأشكال الهندسية المتنوعة على غرار المثلثات والمعينات  أيضا رسوم و هوامش نمطية.

ومن بين مناطق البلاد التي تتميز بخصوصية فنية نموذجية والتي تعكس مدى التجذر الحقيقي للثقافة والهوية, القبائل, الأوراس و ميزاب و تلمسان و الهضاب العليا و جبال لعمور.

وانطلاقا من زربية آث هشام بمنطقة القبائل, ثم زربية بني يزقن (غرداية) مرورا بزرابي النمامشة وقصر الشلالة وآفلو والأغواط فإن التعابير الفنية و رمز كل منطقة يتجلى من خلال الرسوم والرموز التي يعاد تشكيلها على الزربية من قبل أنامل النساجات بإتقان مميز وبكل صبر.

وتقدم تلك النساجات من خلال الزربية وبعناية معالم هامة لها صلة مباشرة بالبيئة الاجتماعية والمخيال الإجتماعي الذي ينتمين إليه كقيمة فنية.


اقرأ أيضا :      عيد الزربية بغرداية: تنظيم الطبعة أل 51 من 21 إلى 26 مارس الجاري …


وتتشكل الزربية التقليدية من صور فنية تتطابق أصالتها مع تناسق الأشكال, حيث يمكن التعرف على كل منطقة من خلال ما تتضمنها من أنماط هندسية ورسوم ورموز متطابقة مع الألوان المختارة بعناية من قبل الحرفيات.

وعلى سبيل المثال فإن زرابي مناطق جبل لعمور والناضور وسوقر وآفلو والبيض والأغواط كلها تشترك بكونها تتميز برسومات ممزوجة بألوان حمراء و سوداء و بيضاء.

وفيما يخص زربية قصر الشلالة فهي تنسج بأنماط جد متميزة و تحتوي على عديد الألوان و الأشكال, فيما تتميز زربية غرداية برسم مركزي يشبه النبات و شكل معبر عنه من النخيل بلونين (الأبيض و الأسود) ولديهما ارتباطا وثيقا بالوسط الطبيعي.

وعلى الرغم من أهميته و تأثيره على الاقتصاد الريفي فإن إنتاج الزربية يمر أزمة تهدد وجوده, و تكشف عن الحاجة إلى إيجاد السبل و الوسائل لإزالة كافة العوائق.

ويرى مدير غرفة الصناعة التقليدية و الحرف بميزاب, أن الحرف المحلية سيما نسيج الزربية الذي يعيل أزيد من 3.511 حرفية منتسبات للغرفة تعاني من مشاكل مختلفة بالخصوص المادة الأولية بالإضافة إلى ضعف قطاع السياحة في جذب السياح الأجانب أو عدم كفاية القروض الممنوحة للحرفين .

وعليه فإنه بات من الضروري تأهيل سلسلة الإنتاج ” بدءا من المواد الأولية و المعايير التقنية للآلات و مخطط الإنتاج “, يضيف السيد بوبكر صديق تغاغرة.

ويضاف إلى ذلك التأهيل والتكوين المتواصل للنساجات وتعزيز التسويق على الصعيدين الوطني والدولي من خلال مضاعفة المشاركة في المعارض و الصالونات و غيرها من التظاهرات الخاصة بالزربية, استنادا لذات المسؤول.