غرداية : “القرطوفة” … تهافت على العشبة السحرية لتتبيل الأطباق الرمضانية  

غرداية : "القرطوفة" ... تهافت على العشبة السحرية لتتبيل الأطباق الرمضانية  

غرداية –  تعد عشبة “القرطوفة” ( البابونج البري) من التوابل التي يتهافت عليها السكان بمناطق الجنوب خاصة خلال شهر رمضان الفضيل والتي تدخل ضمن مكونات وصفات تحضير وتتبيل الأطباق التقليدية الرمضانية لضمان مذاق ونكهة متميزة، على غرار أطباق الشربة والحساء والحريرة.

ويتم قطف هذه العشبة، ذات الرائحة الساحرة،  بمناطق الحمادة بالجنوب الجزائري، سيما منها مناطق بشار والبيض والنعامة، وكذلك في الهضاب العليا، حيث يتم استخدام هذه النبتة التي تنمو عشوائيا والتي تسمى أيضا “الوزوازة” في أقصى الجنوب، بعد تجفيفها وطحنها، وتستعمل لتتبيل أطباق الشربة أو الحساء، الأمر الذي يكسبها نكهات وألوان ذات مذاق ساحر.

وتجتاح حمى تجارية في هذه الأيام الأولى من شهر رمضان أوساط المستهلكين الذين يتهافتون على المواد ذات الإستهلاك الواسع وغيرها من المنتجات الغذائية، وأيضا على التوابل المتنوعة لإعداد وجبة دسمة لمائدة الإفطار التي تتزين بأطباق لا يمكن الاستغناء عنها على غرار الشربة والحريرة أو الحساء.

هذا النوع من الأطباق الرمضانية، التي تنتشر في عادات الطبخ بالمنطقة المغاربية عموما، حيث تحظى بشعبية كبيرة لدى جميع الطبقات الإجتماعية خلال شهر الصيام، تجتهد في تحضيرها ربات البيوت لإعطائها مذاقا شهيا ولذيذا، وهن يستعملن كامل مهاراتهن لتحضيرها وهو ما يتجلى في استعمالهن لمزيج من التوابل والأعشاب العطرية.

وأشار في هذا الصدد عثمان بوقصبة، بائع الأعشاب من حي ثنية المخزن الشعبي بجنوب مدينة غرداية، أن عشبة القرطوفة كانت تستخدم في فن الطهي التقليدي، موضحا أن هذا الفن ينتقل من الأم إلى الإبنة، حيث تسعى كل واحدة منها للتميز في تحضير طبق لذيذ يتم فيه استعمال التوابل المفضلة التي تتكون من النباتات العطرية لإضفاء نكهة عليها.

 

                                  == سكان غرداية جد متمسكون بعاداتهم في الطبخ == 

 

وبرأي بائع الأعشاب السيد بوقصبة، كما أوضح في تصريح لـ”وأج”، فإن حلول شهر رمضان المبارك يغير من عادات سكان مدينة غرداية، من خلال الحرص على تحضير الأطباق التقليدية الشهية وتفضيل بعض التوابل في الوصفات بما في ذلك “القرطوفة” و “رأس الحانوت” (خليط من حوالي عشرة أنواع من التوابل و البهارات).

وبالنسبة للحاج صالح، وهو بائع للتوابل في سوق غرداية، فإن شهر رمضان المعظم يشهد تدفقا هائلا للزبائن للتموين بالمواد اللازمة لإعداد مختلف الأطباق الرمضانية المتميزة، بما في ذلك اقتناء القرطوفة، وهي العشبة التي تحظى بشعبية كبيرة في أوساط سكان الجنوب.

وفي نفس الإطار، يرى بائع آخر للتوابل والأعشاب العطرية بسوق وسط مدينة غرداية، أن شهر رمضان الكريم يعتبر “فرصة ذهبية” للتجار لمضاعفة حجم عمالهم وتحسين أرباحهم، خاصة وأن المنتجات التي يبيعها تحظى بإقبال كبير سيما من قبل العائلات الغرداوية .

ومن جهته، أكد السيد صالح، وهو بائع أيضا للتوابل منذ نحو ثلاثين عاما ومعروف بجودة بضاعته، وهو يجلس في المكان الخلفي من محله محاطا بأنواع من التوابل ذات الألوان الزاهية والروائح الزكية، ”أن النشاط التجاري يشهد انتعاشا مستمرا طيلة شهر رمضان المعظم وعيد الفطر المبارك”.

ولفت بقوله أن غالبية زبائنه المعتادين يفضلون أن يقوم هو بنفسه بتزويدهم بجميع أنواع التوابل المطحونة جيدا، خاصة القرطوفة، بدلا من اقتنائها على شكل حبوب كبيرة وتحضيرها في منازلهم.  

وأكد أيضا أن التوابل والأعشاب العطرية الأخرى لها مكانة كبيرة في الطبخ الجزائري، ذلك أنها تساعد –حسبه– على الهضم وتضفي مزيدا من النكهة على الأطباق والوجبات الأخرى، لافتا كذلك الى أنه سجل خلال السنوات الأخيرة “تزايدا في الوعي بالخصائص الطبية لبعض التوابل التي استحوذت على عقول المستهلكين”.

واستطاع فن الطهي “الغرداوي” من مقاومة التغيرات في عادات الطهي، حيث يحاول سكان المنطقة قدر المستطاع خاصة خلال شهر رمضان المبارك، التمسك بتقاليدهم في الطبخ من خلال استعمال التوابل ذات الشهرة التقليدية ونقلها إلى الأجيال الناشئة.