علماء الجزائر: لا تستهينوا بالحجر المنزلي - الجزائر

علماء الجزائر: لا تستهينوا بالحجر المنزلي

دعا علماء الجزائر المواطنين إلى ضرورة الوقاية والعلاج والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي وكل ما تفرضه الجهات الصحية المختصة للتقليل من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد الذي أحدث رعبا كبيرا في كل دول العالم بعدما تسبب في إصابة ووفاة الآلاف من الناس وعطل سير الحياة الطبيعية وقطع أوصالها في كل أرجاء المعمورة، مشددين على الأخذ بالأسباب المطلوبة شرعا وطبا وعقلا للحد من انتشاره، مسترشدين بموقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين امتنع عن دخول الشام بعد أن عَلِم أن الوباء قد وقع فيها، وقال له أبو عبيدة بن الجراح: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللهِ؟، فقال له عمر: “نعم، نَفِر مِنْ قَدَرِ اللهِ إلى قَدَرِ الله”.

الشيخ الطاهر آيت علجت: يجب المكوث في البيت مع تجنب التقبيل والمصافحة

أكد فضيلة الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت أن الواجب شرعا على المواطنين “البقاء في منازلهم هذه الأيام حتى يرفع الله سبحانه وتعالى هذا الوباء عن بلدنا والعالم أجمع”، مشددا على وجوب التقيد بما قرره المختصون من السلطات الرسمية والصحية. مشيرًا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الطاعُونُ آيَةُ الرجْزِ ابْتَلَى اللهُ عَز وَجَل بِهِ نَاسًا مِنْ عِبَادِهِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَفِروا مِنْهُ”.

وأوضح الشيخ الطاهر أن سبب المُكوث في البيوت وعدم الخروج “حتى لا تُصاب بهذا الفيروس، عفانا الله وإياكم منه، وحتى لا ينتشر المرض فتكون سببًا في إيذاء الآخرين، وتكون آثمًا؛ لأنك ألحقتَ الضرر بالآخرين”، مؤكدًا أنه “لا يجوز أن يتسبب الإنسان في مضرة أخيه”.

وقال الشيخ الطاهر آيت علجت إن الالتزام بالإرشادات الصحية الوقائية للحد من انتشار هذا الوباء “يجنب الوقوع في الأمراض التي ربما تصل لحد الموت”، داعيًا إلى “التقليل من الاحتكاك بين الأشخاص بأن تتجنب التقبيل والمصافحة، مع ضرورة التباعد بين الأشخاص لمسافة متر فما فوق”، موضحا أن “هذه الالتزامات الصحية والتنظيمية من الجهات المختصة ضرورة شرعية يجب الامتثال بها والتقيد بها”، مؤكدًا أنه “يأثم تاركها، ومَن يخرج عليها يخرج على قوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التهْلُكَةِ}”.

وأفاد الشيخ بأن منع دخول المنطقة الموبوءة “لحُرمة الإلقاء بالنفس في التهلكة”، مشيرًا إلى أن “الحفاظ على البدن والصحة والعقل من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية”.

ودعا الشيخ الطاهر آيت علجت المواطنين إلى “تقوى الله تعالى والعودة إلى الله بالتوبة النصوح، ورد المظالم إلى أهلها”.

الشيخ التواتي: التزموا بيوتكم لما فيه سلامتكم وشفاؤكم من الأوجاع والأسقام

من جانبه شدد العالم الجزائري مفتي مدينة الأغواط، فضيلة الشيخ التواتي بن التواتي، على أن “الاستجابة لتعليمات ذوي الاختصاص، أمر واجب وشرعي، وأن تحديها منهي عنه”، مؤكدًا أن المُعْرِض عنها آثم”.

وحث الشيخ التواتي بن التواتي الشعب الجزائري على “الأخذ بنصائح الأطباء المخلصين -جزاهم الله خيرًا فهم ساهرون عليكم-“، وقال “التزموا بيوتكم وأكثروا من التضرع إلى الله، عسى أن يَرفَع عنا البلاء والأوبئة، وادعوه بقلوب طاهرة معمورة بالإيمان النقي لهؤلاء الساهرين على راحتكم وشفائكم الحريصين على حياتكم بأن يحفظهم الله تعالى ومتعَهم بالصحة والعافية، واعزموا على التوبة النصوحة الصادقة، وذلك بإرجاع المظالم، والإكثار من الأذكار والاستغفار”.

وفي رسالة وجهها الفقيه المفسر الشيخ التواتي بن التواتي إلى الشعب الجزائري تحت اسم “نداء إلى الناس”، قال “ما أحوجك أيها الإنسان في هذه الفترة الحرجة لتكون في بيتك مُحاسبًا نفسك، باكيًا خطيئتك، نادمًا عما صدر منك، لتسلَم من الأمراض التي يحملها غيرك، ويسلَم الناس من الأمراض قد تكون تحملها أنت، فقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمراض المعدية فقال: “إنه أذى”.

وحذر الشيخ المتهاونين في الالتزام بتطبيق الإجراءات الوقائية من الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي بقوله “لا تكونوا سببًا في أذية بعضكم بعضًا، وخذوا بقوله تعالى: {لَئِن بَسَطتَ إِلَي يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ}، فتأولُوه على أنه نهي عن المصافحة في هذا الظرف الحرج لما تحمله اليد من الأذى والموت، وإن كانت الآية الكريمة لها مدلول آخر غير هذا، فلا بأس من تأويلها لهذا الغرض”. وقال “ألزموا بيوتكم لما فيه سلامتكم وشفاؤكم من الأوجاع والأسقام”.

الشيخ الطاهر بدوي: الأسباب بالإخلاص انتصار وتركها جناية وانتحار

كما دعا العالم المربي الشيخ الطاهر بدوي الشعب الجزائري إلى الالتزام بـ”الحذر الشديد أمام هذا الداء الفتاك، اقتداء بسيدنا عمر رضي الله عنه عندما خرج إلى الشام فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فولى راجعًا، فقال له أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أَفِرَارًا من قدر الله؟ فقال له عمر رضي الله عنه: “نعم نَفِر من قدر الله إلى قدر الله”.

وأكد الشيخ بدوي في وصية وجهها للأمة تحت عنوان “ففِروا إلى الله” أن “من لم يتخذ الأسباب فهو مخالفة ومعصية عظمى لمضمون الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها”.

وشدد الشيخ على أن مخالفة الإجراءات الوقائية من الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي على الأقل متر واحد بين شخص وآخر “تعتبر جريمة لا تُغتفر، ويعتبر مرتكبها قاتل للنفس عمدًا، ويُعاقب عليها في الدنيا والآخرة”، مؤكدًا أن “الأسباب بالإخلاص انتصار، وتركها جناية وانتحار”. وحث المسؤولين في الدولة على أن “يأخذوا بكل جد وصرامة كل التدابير لمنع حركات المواطنين نهارًا حيث تكثر الاتصالات والعلاقات بينهم”.

كما دعا الناس في هذا الظرف العصيب إلى الإكثار من الاستغفار، والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والإكثار من ذكر اسم “اللطيف” الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى، وكذلك الإكثار من ذكر دعاء الكرب، مشددًا على رد المظالم إلى أهلها، وكذا الإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين والمحتاجين واليتامى والأرامل، بنية رفع هذا البلاء والوباء علينا وعلى الإنسانية جمعاء.

الشيخ يحي صاري: علاج هذا الوباء يكون بالوقاية والأخذ بالإجراءات الوقائية

وفي نفس الاتجاه حذر عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وإمام مسجد الأبرار ببوزريعة، الشيخ يحي صاري، من “خطر هذا الوباء الذي ينتشر انتشارًا واسعًا يخترق الآفاق ويخترق الحدود ويسير من دولة إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة، ويحصد في اليوم عشرات المئات من الأرواح”.

وأبدى الشيخ يحي صاري أسفه من تهاون أكثرية المواطنين في الالتزام بالإجراءات الصحية، وقال “شريحة واسعة من المجتمع لا تزال تعيش في حالة اللامبالاة وفي حالة الاستهانة بالأخذ بالإجراءات الضرورية المؤكدة اللازمة الاحترازية التي هي في الحقيقة العلاج وتَحُد بإذن الله من خطر الإصابة”.

كما نبه الشيخ صاري إلى أن “جميع الناس شاهدت مدنًا ودولًا حوصرت من طرف الجهات المختصة، ولم تسمح لهم بالخروج، بل وضعت العقوبات الثقيلة لكل من يخترق هذا الإجراء الاحترازي” وهو “الالتزام بالحجر الصحي”. مشيرًا إلى أن “ديننا الحنيف يُعزز هذا الموقف ويجعلنا في مصاف الدول التي تقدم النموذج في الامتثال لإجراءات الوقاية التي هي من صلب ديننا، قال صلى الله عليه وسلم: “لاَ يُورِدَن مُمْرِضٌ عَلَى مُصِح””.

وشدد الشيخ على “ضرورة الأخذ بهذه الاحترازات الوقائية”، مشيرًا إلى أن “الوقاية كلما أخذنا بها وعملنا بمقتضياتها وعملنا بها كإجراء مؤكد مُلزم، فإن الوباء ستخف وطأته”، وأضاف “علاج هذا الوباء ودفعه إنما يكون بالوقاية، وذلك لأن العالم لحد الساعة لم يستطع إنتاج العلاج الذي يقضي عليه”، وتابع “كل العالم اتفق على وجوب الوقاية والأخذ بالإجراءات الوقائية والتعليمات والإرشادات التي تبثها جهات كثيرة في العالم من منظمات الصحة والحكومات والجمعيات والعلماء وأهل الاختصاص”.