تبسة – تعتبر عريف الحماية المدنية رفيعة حديدان سيدة الصف الأول في التدخل و الإسعاف بولاية تبسة فهي المرأة الوحيدة التي تزاول عملها الميداني في مجال إنقاذ الأرواح بمعية زملائها في المهنة من الرجال.
فقد كانت رفيعة ضمن الفريق الذي تدخل خلال السنة المنصرمة من أجل استخراج رفات شهداء من مغارة “قارة السنون” ببلدية بوخضرة الشمالية كما كانت متواجدة ميدانيا بمعية زملائها الرجال خلال تدخلاتهم في الفيضانات التي مست ولاية تبسة سنة 2018.
ولا تزال ذات العريف التي اقتحمت مجال العمل في سلك الحماية المدنية منذ 13 سنة تعمل بكل حماس و تبذل مزيدا من الجهود من أجل أداء مهمتها على أكمل وجه.
وعلى بعد أيام من احتفال رفيعة على غرار جميع النساء بعيدهن العالمي يوم الأحد المقبل فتحت قلبها لوأج و قالت ” على الرغم من كون طموحي كان الالتحاق بأحد الأسلاك الأمنية (الشرطة أو الدرك أو الجيش الوطني الشعبي) إلا أن الأقدار شاءت لي أن أخوض تجربة أخرى أعتبرها جد جميلة في سلك الحماية المدنية”.
“منذ الأيام الأولى لانضمامي لأسرة أفراد المهام النبيلة والإنسانية تعلقت كثيرا بهذه المهنة التي أصبحت أؤديها بكل فخر واعتزاز لما لها من فضل في المساهمة إنقاذ الأرواح لاسيما مع التشجيع الذي حظيت به من طرف أفراد عائلتي وحتى زملائي في العمل” حسب ما أضافته العريف رفيعة المنحدرة من مدينة العوينات.
وبكل فخر تقول العريف حديدان “تظل مشاركتي في شهر يناير من السنة المنصرمة في عملية استخراج رفات 24 شهيدا من مغارة “قارة السنون” ببلدية بوخضرة الشمالية تم إعدامهم وردمهم دفعة واحدة في تلك المغارة سنة 1957 من قبل المحتل الفرنسي إبان الثورة التحريرية أهم مرحلة في مشواري المهني”.
وتسرد رفيعة تفاصيل مهمة عن هذه العملية التي أولتها حينها السلطات المحلية أهمية قصوى حيث صرحت بأنه “بعد الحصول على موافقة وزارة المجاهدين شرعنا في العملية التي دامت أزيد من 15 يوما” مردفة بأنه “تم تسخير كل الوسائل المادية والبشرية الضرورية لاستخراج الرفات وإعادة دفنهم”.
وفي هذا الصدد اعترفت رفيعة بالقول “لقد كنت واعية تماما بمدى خطورة هذه المهمة إلا أن الواجب المهني كان يناديني حيث تم حفر المغارة بعمق عدة أمتار وكنت أنزل إلى الأعماق بحثا عن أجزاء رفات الشهداء في ظل وجود خطر انزلاق التربة”.
وأضافت “لا أنكر بأنه كان ينتابني بعض الخوف لاسيما خلال الفترة الليلية إلا أنني كنت أتلو آيات من القران الكريم وأتوكل على الله و أضع المصباح على الخوذة التي فوق رأسي و أرتدي القفازتين و أربط الحبل حول جسمي و أنزل إلى أسفل المغارة”.
وأشارت ذات المتحدثة إلى أن ” دموع أبناء الشهداء وأحفادهم ودعوات الخير رافقتني طوال فترة أدائي لهذه المهمة و كانت بمثابة محفز قوي لي لأواصل عملي وأؤديه على أكمل وجه” مضيفة “إن أكبر فرحة بالنسبة لي كانت يوم استخراج كل الرفات وإعادة دفنهم بمقبرة الشهداء ببوخضرة.”
== التكوين و الرياضة من أجل أداء أفضل ==
وتبدأ رفيعة يومها المهني بحصة تدريبية داخل قاعة الرياضة للحفاظ على قوة وبنية جسدها استعدادا للتدخل في حال حدوث كوارث أو حوادث و عند وصول نداء استغاثة لمصالح الحماية المدنية تتوجه بمعية زملائها الرجال إلى عين المكان لإسعاف وإجلاء المصابين.
وإضافة إلى التدخلات اليومية لتقديم الإسعافات الأولية لضحايا حوادث المرور و مساعدة الأشخاص المتواجدين في حالة خطر وإجلاء الجرحى و الموتى تابعت رفيعة تكوينا لتصبح فردا ضمن فرقة التسلق في الأماكن الوعرة والجبال التي تعززت بها المديرية الولائية للحماية المدنية بتبسة.
وبعد استكمال هذا التربص التكويني تمكنت رفيعة من المشاركة في عدة عمليات نوعية من خلال التسلق في الجبال لإنقاذ أشخاص أو حيوانات عالقين.
وتستذكر موقفا تدخلت فيه لإنقاذ شاب تعرض لسقوط خطير على مستوى جبل بوعكوس (بلدية الحمامات) حيث تمكنت رفقة زملائها من مساعدته على النزول وإسعافه قبل تحويله إلى المؤسسة الاستشفائية المختصة.
وبشأن حياتها الشخصية أكدت رفيعة بأن مهنة الحماية المدنية لا تمنعها من مزاولة حياتها الخاصة بصورة عادية ففي أيام راحتها وبعيدا عن قبعة المنقذة والمسعفة تتكفل بوالدتها وأفراد عائلتها كأي امرأة عادية.
وأشارت ذات المتحدثة إلى أن “مهنة الحماية المدنية لا تقتصر على الرجال فقط بل يمكن حتى للمرأة أن تشارك فيها وتؤديها على أكمل وجه وتجتاح الميدان بدل أن تكتفي بالأمور الإدارية داخل المكتب” مؤكدة بأن “سر النجاح يمكن في التحلي بالشجاعة والثقة بالله وفي النفس”.
من جهته أوضح المدير الولائي للحماية المدنية المقدم الصادق دراوات بأن “العريف رفيعة حديدان تعد من أكفإ العناصر” مضيفا بأنه “على الرغم من كونها امرأة إلا أنها تتدخل ميدانيا وتنقذ الأرواح وتتسلق الجبال وتجتاح ألسنة النيران وهو ما جعل منها مثالا يستحق أن يحتذى به في الصبر والشجاعة وتأدية المهام على أكمل وجه”.
مجزرة مرورية بسيدي بلعباس