صنصال أمام العدالة… النيابة تطالب بأقصى عقوبة

صنصال أمام العدالة… النيابة تطالب بأقصى عقوبة - الجزائر

الجزائر، 16 مارس 2025 – في قضية أثارت اهتمام الرأي العام الجزائري والدولي، التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة الجنح بالدار البيضاء في الجزائر العاصمة، توقيع عقوبة 10 سنوات حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري ضد الكاتب بوعلام صنصال، وذلك على خلفية اتهامه بـالمساس بوحدة الوطن، إهانة هيئة نظامية، الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة محتويات إلكترونية تهدد الأمن والاستقرار الوطني.

تصريحات مثيرة ومحتوى مشبوه

تعود القضية إلى تصريحات أدلى بها صنصال في مقابلة صحفية مع وسيلة إعلامية أجنبية، حيث شكك في الحدود الجزائرية، وزعم أن بعض المناطق الجزائرية كانت تاريخيًا تابعة للمغرب قبل أن تضمها فرنسا خلال فترة الاستعمار. هذه التصريحات، إلى جانب منشورات إلكترونية عُثر عليها في أجهزته الشخصية، دفعت السلطات الجزائرية إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحقه.

تفاصيل الاعتقال والمسار القضائي

تم توقيف صنصال، البالغ من العمر 76 عامًا، بتاريخ 16 نوفمبر 2024 عند وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي قادمًا من باريس، وكان يفترض أن يتوجه إلى منزله في بومرداس، إلا أنه أُخضع للتحقيق تحت النظر قبل أن يُحال أمام وكيل الجمهورية بمحكمة الدار البيضاء، والذي بدوره أحاله إلى قاضي التحقيق. بتاريخ 23 نوفمبر 2024، صدر أمر بإيداعه الحبس المؤقت في سجن القليعة.

المحاكمة والتصريحات أمام القضاء

خلال جلسة المحاكمة التي جرت في ظروف عادية، نفى صنصال أي نية للمساس بأمن الجزائر، مؤكدًا أن تصريحاته كانت مجرد رأي شخصي ولم يكن يقصد الإساءة إلى مؤسسات الدولة. كما رفض تأسيس محامٍ للدفاع عنه، مفضلاً الرد بنفسه على أسئلة القاضي.

من جهتها، اعتبرت النيابة العامة أن تصريحات صنصال تدخل ضمن الأفعال المجرّمة وفق المادة 87 من قانون العقوبات، والتي تصنّف أي فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية ضمن الأعمال الإرهابية أو التخريبية. بناءً عليه، طالبت النيابة بتوقيع العقوبة القصوى بحقه.

ردود فعل سياسية وثقافية

أثارت القضية ردود فعل واسعة، حيث اعتبر العديد من المثقفين والمسؤولين السياسيين في الجزائر أن تصريحات صنصال تمثل ترويجًا لأجندات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الوطني، في حين رأى آخرون أنها محاولة يائسة لإعادة إنتاج الخطاب الاستعماري الذي يسعى إلى التشكيك في سيادة الجزائر ووحدتها الترابية.

على الصعيد الدولي، وجدت القضية صدى لدى بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية التي سارعت إلى انتقاد الموقف الجزائري، معتبرةً أن صنصال يُحاكم بسبب آرائه. إلا أن العديد من الشخصيات الجزائرية، من بينهم مؤرخون وسياسيون وأفراد من الأسرة الثورية، شددوا على أن القضية لا تتعلق بحرية التعبير، بل بمساس خطير بوحدة الوطن.

الموقف الرسمي والدفاع عن السيادة

تؤكد السلطات الجزائرية أن القوانين الوطنية واضحة وصارمة فيما يتعلق بأي مساس بالسيادة الوطنية، مشيرةً إلى أن الجزائر لن تتهاون مع أي محاولات للمساس بأمنها القومي أو وحدة أراضيها. كما أكدت مصادر حكومية أن ما قام به صنصال ليس مجرد رأي شخصي، بل يتجاوز ذلك إلى الترويج لمغالطات تاريخية خطيرة.

قرار المحكمة المرتقب

بعد الاستماع إلى المرافعات والتمسك بطلب العقوبة، قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إلى 27 مارس الجاري، في انتظار ما ستسفر عنه المداولات القضائية في هذه القضية التي لا تزال محط اهتمام واسع.

تبقى قضية بوعلام صنصال مثالًا جديدًا على التحديات المرتبطة بالخطابات الإعلامية التي تتقاطع مع المصالح الوطنية والسياسية، وسط تشديد الجزائر على ضرورة حماية سيادتها من أي محاولات لزعزعة استقرارها.

اقرأ المزيد