صناعة “الباز” على مواقع التواصل تجر جزائريين إلى السجن - الجزائر

صناعة “الباز” على مواقع التواصل تجر جزائريين إلى السجن

“قضية السردوك” كادت تتسبب في أزمة ديبلوماسية

يعتبر الكثير من الجزائريين أن مواقع التواصل، عبارة عن حرية مطلقة يمكن من خلالها ممارسة حتى الممنوع، بدلا من تعميم الفائدة والتثقف، ومن قذف الناس بالباطل والتعرض للأعراض والتنابز بالألقاب، انطلق الكثير لتحويل الحياة الخاصة للعائلات وحتى الهيئات الرسمية إلى مزاح ونكت، قد تضحك قليلا ولكنها في الحقيقة تبكي كثيرا وتصيب الناس وحتى المجتمع في الصميم.

أصبحت ظاهرة نشر صور وفيديوهات عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على “الباز” حتى ولو كانت تفاصيلها فيها أمور خاطئة وغير صحيحة، بمثابة موضة لدى الكثير، الذين لا يفكرون في العواقب التي من الممكن أن تترصدهم نتيجة تلك الصور والفيديوهات ومختلف المنشورات، فعلى عكس سنوات التسيعينيات، التي كان خلالها المواطنون يتصلون بالمصالح الأمنية ويقدمون لهم معلومات خاطئة ومغلوطة لأجل الفكاهة أو إزعاج السلطات فقط وكانوا يعتمدون في الغالب يوم الفاتح من أفريل ويعتبرون أكاذيبهم على الشرطة والدرك الوطني مباحة في ذلك اليوم، هاهم اليوم يطورون نشاطهم الفكاهي وينقلونه على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص الفايسبوك والتيك توك والأنستغرام، والأكثر من هذا أنّهم صاروا يطلقون مزحهم الخفيفة منها والثقيلة في كل زمان من دون خوف، معتبرين الأمر حرية خاصة، لا يحترمون فيها حرية الآخرين، إذ إن هناك الكثير من المنشورات الفايسبوكية، التي بدأت بمزحة في الفايسبوك، وانقلبت على ناقليها لتتحول إلى جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون بعقوبات قد تصل حدّ السجن، وهناك من وجد نفسه أمام العدالة لأنه قدم تصريحات ومنشورات كاذبة عبر مواقع التواصل، وأمثلة هذه المزح كثيرة، وآخرها قضية الديك التي بدأت بتصوير فيديو لا يتجاوز الدقيقتين، بهدف المزاح والفكاهة، لكن ذلك الفيديو انتشر على نطاق واسع وأخذ أبعادا كبيرة، وأصبح حديث العام والخاص كما أن صداه وصل إلى الحديث عنه في القنوات الدولية، التي أعطته بعدا سياسيا كبيرا دون علمها بأنه لا أساس له من الصحة، وكان بإمكانه أن يخلق مشاكل سياسية بين الجزائر وإيطاليا، قبل أن تتدخل المصالح الأمنية وتُصدر بيانا توضح فيه أن الفيديو كاذب، ومن قاموا بتصويره كان كل هدفهم الحصول على “الباز” والتنكيت، لكن مزحتهم تحولت إلى مشكلة كبيرة قد تجرهم إلى العدالة.

وللاستفسار أكثر عن العقوبات المفروضة على الأشخاص الذين ينشرون صورا وفيديوهات على مواقع التواصل، تكون كاذبة وتمس في نفس الوقت بغيرهم والسلطات، اتصلنا بالمحامي إبراهيم بهلولي، الذي صرّح في حديثه مع “الشروق”، بأن القانون يفرض عقوبات تتراوح ما بين غرامات مالية مع عقوبة السجن النافذ وغير النافذ في حق الأشخاص الذين يقدمون معلومات كاذبة ومغلوطة وينشرون صورا أو فيديوهات لا أساس لها من الصحة عبر مختلف مواقع التواصل، خاصة إذا كانت منشوراتهم فيها إساءة إلى غيرهم، ومن الممكن أن تسبب مشاكل سياسية للبلاد على حد قوله. وأضاف بهلولي أنها تصنف ضمن الجرائم الإلكترونية، وتختلف فيها العقوبات من جريمة إلى أخرى، على حسب نوع وكيفية تكييف وقائع القضية، وحسب الأضرار التي تسببها، فكل فعل يمس حسب ما ذكر المتحدث، بشرف وسمعة أي هيئة يعاقب عليه القانون، خاصة إذا تحولت المزحة إلى المساس بكيان الدولة التي تنتمي إليها الرعية مثلما حصل في الفيديو الخاص بالديك.

اقرأ المزيد