الجزائر- تم اليوم الأربعاء بالمتحف الوطني البحري بالجزائر العاصمة تكريم الفنان و الشاعر الراحل حيمود براهيمي المعروف على الساحة الفنية باسم “مومو” (1918-1997) وذلك بحضور نخبة من الفنانين وأفراد من عائلته.
ويأتي هذا التكريم, المنظم من طرف المتحف العمومي الوطني البحري في إطار برنامج إحياء شهر التراث (18 أبريل – 18 ماي), اعترافا بمكانة هذا “المثقف والفنان النادر الأصيل الذي ابدع في مجال الشعر و السينما والمسرح والرياضة وغيرها” و عرف “بارتباطه الوثيق بحي القصبة العريق وزخمه الثقافي والفني و بتعلقه العميق بالبحر حيث كان يمارس رياضة الغوص”, حسب ما صرحت به مديرة المتحف, آمال مقراني.
وأضافت ذات المتحدثة أن الراحل من الرموز الثقافية والفنية في الجزائر “يتمتع بثقافة فلسفية وصوفية واسعة”.
وعرف هذا الحفل التكريمي مشاركة العديد من الممثلين و الباحثين وأيضا عائلة وأصدقاء الفقيد الذين قدموا شهادات حية عن الراحل حيمود براهيمي الملقب ب”مومو” تم خلالها استحضار مختلف جوانب تجربته الفنية و الادبية و الإنسانية الفريدة وهو المعروف بعشقه وولعه بحي القصبة ومدينة الجزائر بواجهتها البحرية التي خلدها بقصيدته الشهيرة ” يابهجتي”.
وتناول الباحث عمار بلخوجة الذي اصدار مؤلفا عن المحتفى به ، مختلف زوايا ابداع و مسار “مومو” , واصفا إياه ب
“المثقف الموسوعي المتعدد الإهتمامات الفكرية والصوفية والروحية و الشعرية المنفتح على الثقافات الإنسانية”, مضيفا أنه “من الضروري إحياء الإنتاج الفكري للراحل ذي الأبعاد الكونية وعبقريته و تقديمه للأجيال الجديدة لإعادة الاعتبار له ومنحه المكانة التي يستحق”.
ولفت من جهته الباحث في التراث، عبد القادر بن دعماش، إلى أن حيمود براهيمي “ظاهرة فنية يمتاز بالحكمة، ومتعدد الإهتمامات الثقافية” حيث قدم في أعماله الفنية “بصمته الخاصة ورؤيته الصوفية التي تعكس التزامه في الحياة والفن”.
وقدم بن دعماش شهادته الحية حول مواقف واحداث عايشها مع الراحل الذي كان صديقا لعمالقة المسرح والسينما على غرار ولد عبد الرحمان كاكي وكاتب ياسين و محمد زينات، كما تأسف “أن الجيل الجديد في الجزائر لا يعرف هذه القامة الفنية والفكرية “.
من جهته استعرض الفنان عبد الحميد رابية، السيرة الذاتية للشاعر حيمود براهيمي قائلا أنه “روح وذاكرة وتاريخ القصبة التي تسكنه حتى النخاع”, مضيفا انه “فنان مخضرم يتمتع بثقافة دينية وفلسفية عميقة”, و قدم “أعمالا كثيرة خلال الفترة الاستعمارية وبعد الاستقلال في المسرح والسينما و الإذاعة والترجمة إلى جانب كونه بطلا حقق الرقم القياسي عالميا في الغوص” .
وتطرقت من جهتها إبنة حيمود ابراهيمي, السيدة دوجا ، الى جوانب حميمية من “ذاكرتها العائلية مع والدها” حيث كان “أبا عطوفا لكن صارما فيما يخص إحترام التقاليد الجزائرية الأصيلة وكان عاشقا مولعا بالقصبة والبحر” مضيفة أنه “كان يحترم المرأة كثيرا”.
بدوره، أشار الفنان االهادي العنقى نجل عميد الأغنية الشعبية الحاج امحمد العنقى في شهادته إلى ذكريات طفولته رفقة عائلة الفنان حيمود ابراهيمي.
وكان حفل التكريم قد عرف أيضا عرض فيديو حول مسار الفنان حيمود براهيمي و كذا تنظيم معرض يضم أهم المؤلفات التي رصدت مسار وتجربته الإنسانية والثقافية, وصور له وملصقات لأهم الأفلام التي شارك فيها.
للتذكير ولد حيمود براهيمي عام 1918 بالقصبة التي تعلم في مدارسها وسافر بعدها في الأربعينات من القرن الماضي إلى فرنسا بحثا على تدعيم مواهبه المتعددة حيث تعرف على الساحة الفنية الفرنسية وشارك في بعض الأفلام ليعود بعدها إلى الجزائر كممثل ومترجم نصوص في المسرح الوطني الجزائري وخلف العديد من المؤلفات منذ 1958.
كما أبدع الراحل حيمود براهيمي في السينما في فيلم “تحيا يا ديدو” لمحمد زينات و “الطاكسي المخفي” لبن عمر بختي ، و ” جبل باية” لعبد المالك بوقرموح ، وغيرها من الأعمال الفنية.
قريقش رحلة الفنان قريقش من أزقة القصبة إلى قلوب الجزائريين