سيلا- 2023 : شح في المؤلفات الرياضية وإقبال معتبر على العناوين المتوفرة

في رحلة البحث بين مختلف أروقة الصالون الدولي للكتاب على عناوين تخص الرياضة الجزائرية بمختلف تخصصاتها, يقف القارئ المهتم بهذا المجال محتارا ومتسائلا عن سبب هذه الندرة التي ما فتئت تسجل و على مدار كل الطبعات السابقة للصالون.

و على مدار سنوات متتابعة, اعتادت أروقة الصالون على شح المؤلفات التي تعني بالرياضة الجزائرية: تاريخها, واقعها, إنجازاتها و أبطالها, مع استثناءات طفيفة تشهدها كل طبعة, على غرار ما تعرفه هذه السنة بتواجد كتاب “تاريخ منتخب الجزائر”, بقلم الإعلامي الرياضي عادل حداد و ” الديبلوماسية الرياضية” للأستاذ الجامعي عيسى الهادي.

و هو واقع أكده المحترفون بقطاع النشر والتأليف الذين التقتهم “وأج” في جولتها الميدانية بأن الكتب الموجهة للرياضة بصفة عامة تم تجاهلها كلية في السابق, حيث صدرت عناوين قليلة منذ الاستقلال.

و أوضح الإعلامي بتلفزيون “الهداف” محمد شيخي في هذا الصدد قائلا: “هناك شح كبير في إنتاج الكتاب الرياضي في الجزائر ومن أسبابه في رأيي انتشار فكرة شائعة بأن الجمهور الرياضي الجزائري يشاهد ولا يقرأ وهي خاطئة بالنسبة لي”.

غير أنه في السنوات القليلة الماضية ارتفعت نسبة الاهتمام ولو نسبيا بالكتابة في مجال الرياضة من خلال توجه ثلة من الصحفيين الرياضيين إلى التأليف وتوثيق أعمالهم في إصدارات من شأنها أن تبقى خالدة في الأرشيف عكس المقالات أو المواضيع التي تنشر وتبث يوميا للاستهلاك السريع.

و أثنى أستاذ الإعلام الرياضي بجامعة الجزائر, عيسى الهادي, على بعض المحاولات من قبل بعض الصحفيين الرياضيين الذين انتقلوا من الكتابة الصحفية إلى التأليف و” هي فكرة ممتازة بالنظر إلى معرفتهم بالتخصص, لكنها تبقى شحيحة, مقارنة بما يحدث في العالم من أنشطة ومنافسات رياضية, خاصة وأن القارئ شغوف لمطالعة كل ما يتعلق بالرياضة”.

 كتاب “تاريخ منتخب الجزائر” يصنع الحدث لدى القراء والإعلاميين 

 

و استقطب كتاب الإعلامي الرياضي عادل حداد المعنون بـ “تاريخ منتخب الجزائر”باللغة العربية الأضواء خلال فعاليات الطبعة الـ26 من معرض الجزائر الدولي, بالنظر إلى محتواه القيم الذي يعتبر أرشيف لمسيرة “الخضر” منذ التأسيس و حتى التتويج بأول كأس إفريقية للأمم عام 1990.

و قال حداد في تصريح لـ (وأج): “تجربة هذا الكتاب هي عصارة 30 سنة من العمل الصحفي والاجتهاد خاصة فيما يتعلق بجمع كل ما يتعلق بالمنتخب الوطني الجزائري سواء كتب أو مجلات قديمة أو جرائد لمن سبقونا في هذا الميدان وبحكم الرصيد الهائل من المعلومات التي كانت بحوزتي والشهادات التي استقيتها من صناع الحدث بأنفسهم, فكرت في إصدار هذا المنتوج في جزأين (الجزء الثاني سيصدر في 2024) بسبب التفاصيل الكثيرة والمتنوعة حتى لا يصبح الكتاب ثقيل في يد القارئ. وقد اختصرت في الجزء الأول مسيرة 445 مباراة بالتشكيلات والكواليس والخبايا والأصداء”.

و أشاد الصحفي بقناة “البلاد” التلفزيونية عبد الرحمان بلعالية بمبادرة بعض الزملاء الإعلاميين بإصدارات جديدة: ” شخصيا اقتنيت كتاب “تاريخ منتخب الجزائر” للزميل عادل حداد و يحتوي هذا الإصدار على معلومات قيمة جدا عن تاريخ مباريات المنتخب. واكتشفت معلومات ثمينة كنت أجهلها بخصوص الأندية والمنتخبات التي واجهها المنتخب ناهيك عن تفاصيل الأحداث وقصص جرت للاعبي المنتخب”, مشيرا إلى أن هذا ” المؤلف سيمثل مرجعا للإعلاميين في سبيل التزود بمادة إعلامية موثوقة تقوف موقع ويكيبيديا العالمي”.

و من بين الإصدارات الاخرى المعروضة للزوار, برز كتاب ‘الدبلوماسية الرياضية’ لأستاذ الإعلام الرياضي بجامعة الجزائر, عيسى الهادي, الذي تناول العديد من المحطات السياسية التي أثرت في الرياضة. “فكثير من القضايا السياسية لم تحل إلا بالرياضة مثل مشاركة الكورتين في إحدى الأولمبياد بفريق واحد. تطرقت للقضية الفلسطينية و العدوان الصهيوني الذي يتعمد هدم البنية التحتية الرياضية من أجل منعهم من إيصال صوتهم من خلال الرياضة ناهيك عن الموقف الأخير للاتحاد الجزائري لكرة القدم  برئاسة وليد صادي القاضي بالانسحاب من تنظيم كأسي أمم إفريقيا 2025 و 2027”.

و سبق للأكاديمي أن أصدر حوالي 7 مؤلفات في السابق من بينها الاحتراف الرياضي (2012), فتيات التحرير في الإعلام الرياضي (2015) كتاب التعليق الرياضي (2018).

دار نسمة للنشر، عراب المؤلفات الرياضية 

و بالإضافة إلى كتابي تاريخ منتخب الجزائر والدبلوماسية الرياضية, صدر عن دار نسمة للنشر والتوزيع عنوان “رياض محرز” للصحفي محمد بوقرة الذي تطرق فيه باللغة الفرنسية, إلى حياة القائد الحالي للفريق الوطني منذ طفولته بباريس مرورا بتألقه في البطولة الإنجليزية وصولا إلى التحاقه مؤخرا بالبطولة السعودية بقميص نادي أهلي جدة.

و هي عناوين نالت إقبالا معتبرا حسب المؤلفين حيث قال عادل حداد “بكل صراحة فاجئني الإقبال المتميز خاصة من الزملاء الذين شرفوني باقتناء الكتاب والتشجيعات والتغطيات الإعلامية وهذا ما يشجعني لمواصلة الاجتهاد لتقديم إضافة جديدة لسوق الكتاب في ظل شح المؤلف الرياضي”.

و ساهم في هذه الإصدارات بقسط وفير الإعلامي والكاتب نجم الدين سيدي عثمان, الذي قرر هذه السنة دخول صالون الجزائر الدولي للكتاب  بثوب صاحب دار نسمة للنشر والتوزيع التي أسسها حديثا مؤكدا أن “الصحافي هو أقرب الناس للكتابة بما أنه يمارسها يوميا بالإضافة إلى تعلقي بالتأليف وعالم الكتب وهذا ما دفعني لتأسيس دار النشر”, مضيفا “بداية كنا متخوفين قليلا بخصوص نسبة الإقبال بمناسبة أول مشاركة في صالون الكتاب كدار نشر, لكن بعد مرور الأيام تفاجأنا بتوافد لافت على أغلب كتاباتنا وخاصة الرياضية منها”.

و أوضح بخصوص رؤيته المستقبلية: “هدفي يتمثل في استقطاب الصحفيين خاصة المختصين في مجال الرياضة إلى الكتابة حيث اتصلت بمجموعة كبيرة منهم و وجدت تجاوبا منهم على غرار الزميل عادل حداد الذي أتحفنا بمؤلف متميز وهو كتاب أرشيفي مهم جدا لأن محتواه يتضمن إحصائيات حتى الاتحادية الجزائرية لا تمتلكها”.

كما شدد على أن الغاية كذلك هو تزويد “المكتبة الوطنية الرياضية” بمؤلفات صادرة باللغة العربية لأن أغلب الكتب القديمة نشرت بالفرنسية لأصحاب الجيل السابق.

ليكشف مؤسس دار نسمة نجم الدين سيدي عثمان في الأخير أن مشاريعه المستقبلية تستهدف المشاركة في طبعة الموسم القادم لصالون الجزائر الدولي (الطبعة 27) “بحوالي 12 كتابا في مجال الرياضة” بأقلام إعلاميين رياضيين متميزين.