زخة شهب الجباريات تضيء سماء الجزائر: ظاهرة فلكية مذهلة تصل ذروتها الليلة

تشهد سماء الجزائر هذه الليلة حدثًا فلكيًا مميزًا يتكرر سنويًا، حيث ستصل زخة شهب الجباريات إلى ذروتها بين منتصف الليل وفجر يوم 22 أكتوبر. هذه الظاهرة الساحرة، التي تضيء السماء بأنوارها، تثير اهتمام عشاق الفلك والهواة الذين يتابعون مثل هذه الأحداث بدقة.

ما هي شهب الجباريات؟

شهب الجباريات سميت بهذا الاسم نسبة إلى كوكبة الجبار، التي يبدو أن هذه الشهب تنطلق منها بشكل ظاهري. وبحسب مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية، تعد زخة شهب الجباريات من الظواهر الفلكية السنوية التي تحدث نتيجة مرور الأرض عبر بقايا حطام مذنب هالي الشهير، الذي يترك وراءه جزيئات غبار وصخور صغيرة، تدخل الغلاف الجوي للأرض وتحترق لتكون الشهب التي نراها.

تتميز شهب الجباريات بكونها من أسرع الشهب، إذ تبلغ سرعتها حوالي 66 كيلومترًا في الثانية، مما يجعلها واحدة من أسرع الزخات التي يمكن ملاحظتها بالعين المجردة. وهذا يعني أن الشهب تخترق الغلاف الجوي بسرعة كبيرة وتخلق مشهدًا ساحرًا من الأضواء المتناثرة في السماء.

ذروة الجباريات: ما الذي يمكن أن نشاهده؟

بحسب المركز، ستكون ذروة زخة الجباريات الليلة، حيث يمكن ملاحظة حوالي 20 شهابًا في الساعة في السماء الصافية. المشع الظاهري لهذه الشهب يقع في كوكبة الجبار، لذلك يمكن لعشاق الفلك توجيه أنظارهم نحو الشرق بعد منتصف الليل لرؤية هذه الشهب المتلألئة. ومع مرور الوقت، يتحرك المشع تدريجيًا باتجاه الجنوب الشرقي، ليكون في نقطة قريبة من النجم البارز منكب الجوزاء، وهو أحد النجوم اللامعة في السماء.

وعلى الرغم من أن زخة الجباريات مشهورة بكونها سريعة وحادة، إلا أن هذا لا يعني أن جميع الشهب ستكون مرئية بوضوح. يُتوقع أن تؤثر إضاءة القمر الليلة على رؤية الشهب ذات الإضاءة الضعيفة، وهو ما قد يقلل من عدد الشهب التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة.

كيف تحدث هذه الظاهرة؟

تعود زخة شهب الجباريات إلى مرور الأرض عبر بقايا المذنب هالي، الذي يعتبر أحد أشهر المذنبات في التاريخ، والذي يزور النظام الشمسي الداخلي كل 76 عامًا. يترك المذنب هالي وراءه ذيلاً من الحطام الفضائي خلال كل مرور له بالقرب من الشمس. هذا الحطام ينتشر عبر مسار المذنب، وتقوم الأرض بمرور هذا الحطام خلال هذا الوقت من السنة، مما يؤدي إلى حدوث هذه الزخة.

عندما تدخل جزيئات الحطام الصغيرة، التي تتراوح في حجمها بين حبات الرمل والصخور الصغيرة، الغلاف الجوي للأرض بسرعات هائلة، تحترق هذه الجزيئات بسبب الاحتكاك مع الغلاف الجوي، مما يخلق الوميض الذي نراه على هيئة شهب.

أهمية زخة شهب الجباريات لمحبي الفلك

تعد زخة شهب الجباريات واحدة من أهم الظواهر الفلكية التي ينتظرها عشاق الفلك كل عام. هذه الزخة ليست فقط فرصة لرؤية مشهد جميل في السماء، بل هي أيضًا فرصة للتعرف على المذنبات وتأثيراتها على الكواكب. المذنب هالي، الذي ينتج هذه الزخة، كان محط اهتمام العلماء منذ مئات السنين، حيث يقدم كل مرور له فرصًا جديدة للدراسة والمراقبة.

من جهة أخرى، يمكن لهذه الظواهر أن تكون بمثابة تجربة تعليمية للهواة وعائلاتهم، حيث يمكن للأطفال والكبار تعلم المزيد عن الفضاء وكيفية حدوث هذه الشهب. ولأنها تتكرر سنويًا، تعتبر الجباريات فرصة مثالية لمراقبة سلوكيات الشهب وكيفية تغيرها من عام لآخر.

أفضل الأوقات والمواقع لمراقبة الظاهرة

لكل من يرغب في متابعة زخة شهب الجباريات، ينصح الخبراء بمتابعة الشهب بدءًا من منتصف الليل وحتى الفجر. أفضل الأماكن لرؤية هذه الظاهرة هي المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي، مثل الأماكن الريفية أو المناطق الجبلية حيث تكون السماء أكثر وضوحًا. يجب على المراقبين توجيه أنظارهم نحو الشرق في البداية، ثم نحو الجنوب الشرقي بعد تقدم الليل.

كما ينصح باستخدام تطبيقات الهواتف الذكية المتخصصة في رصد النجوم والكواكب لتحديد موقع كوكبة الجبار بسهولة. وجود القمر الليلة قد يؤثر على وضوح بعض الشهب، لكن الشهب الأكثر سطوعًا ستظل مرئية للجميع.

ظواهر مشابهة: زخة شهب الفرساوسيات

من بين الزخات الأخرى التي تحدث خلال العام، تبرز زخة شهب الفرساوسيات التي تعتبر أشهر زخة شهب في السماء. وتختلف الفرساوسيات عن الجباريات في أنها تحدث خلال فصل الصيف، وتتميز بعدد أكبر من الشهب، ولكن الجباريات تتميز بسرعتها الكبيرة في دخول الغلاف الجوي، مما يجعلها أكثر حدة وإشراقًا لبعض الوقت.

 سحر الفضاء في سماء الجزائر

زخة شهب الجباريات هي فرصة سنوية للاستمتاع بجمال الكون والتأمل في ظواهره. هذه الليلة ستشهد الجزائر مشهدًا فريدًا من نوعه، حيث ستنير السماء بالأضواء السريعة المتناثرة، لتقدم عرضًا فلكيًا مميزًا يمكن للجميع الاستمتاع به.

من خلال توجيه الأنظار نحو السماء في هذه الليلة، يمكن للجزائريين الاستمتاع بواحدة من أجمل الظواهر الطبيعية التي يقدمها الكون، والتي تذكرنا بجمال الفضاء الغامض وروعته.