رسالة إلى المثقف المغربي في ذكرى سارتر - الجزائر

رسالة إلى المثقف المغربي في ذكرى سارتر

تحتفل الأوساط الثقافية العالمية هذه الايام بالذكرى المئوية الأولى لميلاد المفكر الوجودي الفرنسي جان بول سارتر(1905 – 1980) ذلك المفكر الذي لقب بأخر الفلاسفة والذي عرف فضلاً عن مذهبه الوجودي ومدرسته الفلسفية المتميزة بمواقفه الشجاعة في فضح الحرب الاستعمارية القذرة التي كانت بلاده فرنسا تخوضها في الجزائر وكانت مجلته ” الأزمنة الأخيرة منبراً يكشف صورة الاحتلال ويدعو بصوت مسموع لوقف العنف الممارس ضد الشعب الجزائري الأعزل.

هذه الذكرى تصادف أحداث القمع الوحشي الموجه للجماهير الصحراوية في مدن الصحراء الغربية ،وضد الطلبة الصحراويين في الجامعات المغربية و ما تبع تلك الاحداث من مسلسل المحاكمات الصورية ضد نشطاء المجتمع المدني الصحراوي ممن شاركوا في مظاهرات سلمية عبروا من خلالها عن تشبثهم بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير طبقاً لنصوص الشرعية الدولية التي كان المغرب من اول من وقع عليها.

هذه الاحداث المأساوية التي عرفتها الصحراء الغربية والقسوة البالغة التي قابلتها بها أجهزة الأمن المغربية التي تفرض حصاراً إعلامياً غير مسبوق على المدن الصحراوية وتحظر وصول المراقبين المستقلين والصحافة الحرة إلى موقع الحدث لتمكن من محو اثار الجريمة لاتجد أي صدى في اهتمامات المثقف المغربي للأسف الشديد، ويتساءل الصحراوين بمرارة أين مثقفو المغرب الأحرار وأين من عبروا بصدق وحرارة عن القمع و المعاناة المخيفة في السجون و الموت البطئ في المعتقلات السرية الرهيبة من امثال فاطمة البويه ومحمد الرايس وفاطمة ومليكة أوفقير و ابراهام السرفاتي وغيرهم ؟ خاصة وان ما مررتم به – أيها المثقفون المقمعون- يتكرر اليوم ،وبصورة مشينة ضد المناضلة مينتو حيدار و ضد محمد الصبار واحمد حماد و وولد الحيرش و عشرات الصحراويين والصحراويات غيرهم، فكيف تلوذون بالصمت وتدفنون رؤوسكم في الرمال؟؟؟؟ فإن كان الصحراوين مواطنون مغاربة كما تزعم السلطة المغربية، فكيف تقبلون بقمع مواطنيكم ورفاقكم اسابقين في الاعتقال والمعاناة بكل هذه الوحشية؟؟ وإن كان الصحراويون غير مغاربة، أفلا نبقي على روابط الجوار والأخوة و العقيدة وقبل هذا وذاك وشائج الانسانية؟؟؟ إن الكثيرين من الصحراويين يحسون مرارة صمت المثقف المغربي مضاعفة لأنه يمارس جريمة الصمت ،والتستر على وأد الحريات ،وهي جريمة أكبر من جرائم السلطة التي تحمي نفسها كما جرت العادة بقمع الحريات وتكميم الافواه.

وحين يمارس المثقف المغربي الذي ذاق مرارة القمع وعرف معنى القهر وسلب الحرية هذا الصمت المشين على قمع الحريات المدنية للمواطنين الصحراويين فإنه يصبح شيطاناً اخرساً وتفقد كتاباته- التي كانت تعبير صريح وصرخة من القلب- حرارتها وتبهت مصداقيتها لانه قبل ان يقف مع الجلاد – نفس الجلاد الذي عرف وحشيته بنفسه، فكيف يقبل مثل هذا المثقف الآن أن يحرق البخور في محراب القمع وان يرضى للصحراويين ماكان يرفضه لنفسه ويحتج عليه بالأمس، انه بذلك يخون ذاكرته وذكراه ويصبح – ببساطة لاتصدق- نعجة مستكينة تساق مع القطيع بشعارات هو اعلم من سواه بفجاجتها وديماغوجيتها المفضوحة لانه مر عبر معاناة الاعتقال وسمع نفس الموال المكرر مرات ومرات. أيها المثقف المغربي اعلم ان هذا الاحداث والمواقف التي نعايشها اليوم ستصبح جزءً من التاريخ وسيأتي اليوم الذي ستقيم فيه بموضوعية ومن المؤسف ان تجد نفسك في خانة المتآمرين على حريات وكرامة المدنيين الصحراويين العزل والقمع المريع الموجه ضد النساء والطلاب من خلال صمتك المذل على مايحدث أمام ناظريك ، فهل تقبل ان تدان غداً كما تدين أنت اليوم جلادي الامس القريب؟؟؟؟

اقرأ المزيد