في رحلة استكشافية مذهلة لم تكن متوقعة، اكتشف شاب جزائري من مدينة بشار، جنوب الجزائر، قرية مهجورة اختفت عن الأنظار لعقود طويلة. الشاب، الذي يمتهن التخييم والاستكشاف الصحراوي، تمكن من اكتشاف القرية أثناء قيامه بجولة في الصحراء الجزائرية، ليجد نفسه أمام مشهد تاريخي يختلط فيه الماضي بالحاضر، في ظل البنايات القديمة التي كانت شاهدة على الحياة التي كانت تنبض في تلك البقعة الصحراوية.
وفي حديثه لصحيفة “الشروق” الجزائرية، كشف الشاب رضوان طاهري عن تفاصيل هذا الاكتشاف المذهل. وأوضح أن القرية التي عثر عليها كانت خالية تمامًا من الحياة، إلا أن آثار البنايات التي لا تزال قائمة في المكان تعد دليلًا قويًا على الحياة التي كانت تجري هناك في الماضي. وتظهر القرية معالم حضارية واضحة تشمل سوقًا قديمًا ومسجدًا صغيرًا، بالإضافة إلى المساكن التي بدأت بعض منها تغرق تحت الرمال بفعل العواصف الرملية.
وذكر طاهري أنه عثر على هذه القرية المهجورة عن طريق الصدفة، بينما كان يقضي يومين في الصحراء لتسجيل بعض الأشرطة الوثائقية. وأثناء تتبعه لضب بري في عمق الصحراء، توجه نحو تلك القرية التي كان قد مر عليها الزمن، ليكتشف مكانًا يحمل العديد من الأسرار التي ظلت مدفونة لسنوات. اقترب طاهري من الموقع بسيارته، وقرر قضاء بعض الوقت في اكتشاف زوايا القرية المهجورة، والتقاط صور للآثار التي تركها الزمن.
من أبرز المعالم التي لفتت انتباه طاهري، المسجد الذي لا يزال محراه قائمًا رغم مرور السنوات والعوامل الطبيعية القاسية. كما أكد أن القرية، التي كانت فيما مضى تضم مجموعة من العائلات، أصبحت اليوم ملاذًا لبعض الحيوانات البرية والحشرات التي استعادت الحياة في تلك الأماكن المهجورة. لكن على الرغم من حالة الإهمال التي طالت المكان، إلا أن بعض المعالم لم تتأثر، مثل الأعمدة الضخمة في السوق الذي لا يزال واقفًا بشموخ، ما يعكس عمق تاريخ هذا المكان.
تعد هذه القرية بالنسبة لطاهري نقطة هامة في التاريخ المحلي، فهي تمثل جزءًا من الذاكرة الوطنية التي تتعلق بفترة ما بعد الاحتلال الفرنسي، حيث تعود بعض آثار البناء في القرية إلى السنوات الأولى بعد الاستعمار. وقد قرر الشاب أن يكرس وقته لتحضير فيلم وثائقي خاص بالقرية المهجورة، يكشف فيه عن سرها المكنون، ويعرض التفاصيل التي لم تُكشف بعد عن حياة الناس الذين سكنوها وأسباب مغادرتهم لتلك المنطقة المعزولة.
ورغم حماسه الشديد لهذا الاكتشاف، رفض طاهري الكشف عن موقع القرية في الوقت الحالي، خشية أن يتسبب هذا في زيارة الفضوليين إلى المكان، وهو ما قد يؤدي إلى تعرض المعالم التاريخية للأضرار. وقال: “سأكشف عن الموقع عندما أنتهي من إعداد ربورتاج خاص عن هذه القرية المهجورة، وأتوجه للسلطات المعنية لإعلامهم بالاكتشاف.”
هذا الاكتشاف لا يعد مجرد اكتشاف لموقع جغرافي، بل هو نافذة على التاريخ والذاكرة الشعبية للصحراء الجزائرية، التي تحمل في طياتها الكثير من القصص والرموز التي لم تكشف بعد. وقد يُساهم هذا الكشف في إعادة إحياء الاهتمام بالمناطق المهجورة، وكذلك في تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث التاريخي والطبيعي في الجزائر.
إلى جانب أهمية هذا الاكتشاف في مجال السياحة والتراث، يعتبر هذا الحدث خطوة هامة نحو تعزيز الاهتمام بالصحراء الجزائرية كوجهة سياحية لاستكشاف جمالها الطبيعي وتاريخها العريق، بعيدًا عن الأضواء والضجيج.
الاحتلال الم.غربي يصعّد من وتيرة العنف الممنهج في الصحراء الغربية الم.حتلة..فيديو غرافيك لدزاير توب