خطاب قايد صالح: إجماع حول أهمية تكريس الحوار البناء و اختلاف حول آليات تجسيده

الجزائر- أجمعت الأحزاب السياسية على أهمية تكريس الحوار البناء بين مختلف الشركاء من أجل الخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، مثلما جاء  في خطاب الفريق أحمد قايد صالح  نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، غير أنها تباينت في رؤيتها لآليات تجسيد هذا الحوار.

و في هذا الإطار، ثمن الأمين العام حزب جبهة التحرير الوطني، جميعي محمد، بمناسبة تنصيب لجنتي الانضباط و الاستشراف ،دعوة نائب وزير الدفاع خلال زيارته للناحية العسكرية السادسة بتمنراست والموجه للقوى والشخصيات الوطنية لحوار جاد بغية الخروج من الأزمة وتنظيم الانتخابات الرئاسية ، واصفا هذا الحوار ب “طوق نجاة للجزائريين لكونه مبني على ضرورة تقوية أركان الدولة وجعل السيادة الوطنية ملكا للشعب”.

ودعا حزب جبهة التحرير الوطني  الشعب إلى ضرورة “التخندق مع جيشه بهدف حل الأزمة و التصدي للذين يتغنون بالمراحل الانتقالية”.

من جهته، نوه حزب طلائع الحريات بهذه الدعوة إلى الحوار لكونه “مقاربة و منهج و سبيل لا بديل له لإخراج البلد من هذا الانسداد ، ويعد ضرورة حتمية ومطلقة تفرض نفسها”.

كما ابرز ان الحوار “يتجاوب مع الانشغال السائد عموما و المتمثل في الحرص السائد على شق الطريق للخروج من الأزمة المحتدمة الأقل طولا و الأقل مخاطرة و الأقل تكلفة للبلد سياسيا و أمنيا و اقتصاديا و اجتماعيا”، مشيرا إلى أن خطاب الفريق قايد صالح ، “يحدد و يشخص بكل وضوح و دقة المعطيات الأساسية للحوار المقترح فهو يضع إطارا لهذا الحوار و يعرف هدفه و يعرض منهجيته”.

وانطلاقا من ذلك ،يرى أن الحوار هو “استجابة للمطالب الشرعية التي رفعتها الثورة الديمقراطية السلمية من خلال التعبير الحر عن إرادة الشعب و تكريس سيادته”، خاصة أن هدف هذا الحوار هو تنظيم انتخابات رئاسية غير قابلة للشك أو الطعن، و منهجيته تتجسد في مبدأ الاستعداد و القبول بالتنازلات المتبادلة الكفيل بإظهار نقاط التلاقي و التوافق التي من شأنها أن تسرع بالوصول إلى التسوية العاجلة و النهائية للأزمة.


إقرأ أيضا: جهود الجيش الوطني الشعبي مكنت من الحفاظ على كيان الدولة الوطنية


كما أكدت ذات التشكيلة السياسية ،أن خطاب تمنراست يعكس التزام الجيش “بواجبه التاريخي” و تمسكه بمسؤولياته الوطنية حيث “يضطلع بدور المسهل لتعبئة الجهود و الاجتهادات الجماعية و توجيهها كلية نحو التسوية المنشودة للأزمة” .

أما حركة الإصلاح الوطني، وصفت هذا الحوار ب” السبيل الاسلم للتقريب بين الرؤى و الاقدر على إحداث توافق وطني يخرج البلاد من الازمة الراهنة”، مؤكدة في نفس الوقت “استجابتها لهذه الدعوة وحرصها على الحضور الجاد و الفعال في مسار الحوار المرتقب واستعدادها الكامل للمساهمة في المجهود الوطني المبذول في اتجاه الجمع و التقريب واعتماد الحلول التوافقية الممكنة لإخراج البلاد من أزمتها الحالية”.

كما أكدت على ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار في “أقرب الآجال” لمختلف الفاعلين “لتحقيق توافق وطني واسع تزاوج مخرجاته بين النص الدستوري و بين الحلول السياسية التي تستنبط تدابيرها من روح الدستور” وذلك من أجل “وضع ورقة طريق توافقية و أمنة تقودنا إلى استحقاق رئاسي في أقرب الآجال تؤطره هيئة وطنية مستقلة تمسك ملف الانتخابات من بدايتها إلى إعلان النتائج”.

وكان التجمع الوطني الديمقراطي قد رحب بهذا الخطاب، مؤكدا أن موقفه هذا نابع من “خطه الثابت منذ بداية الأزمة” و ذلك من منطلق “قناعته بأن الجزائر في حاجة إلى الحفاظ على استقرارها ووحدتها بمساهمة جميع الوطنيين الغيورين على بلادنا”.

و في ذات المنحى، أكدت الحركة الشعبية الجزائرية في بيان لها، “انخراطها بالكامل” في نداء الحوار الصادر عن الفريق قايد صالح، مذكرة في هذا الصدد بأنها تظل “وفية لمبادئها الوطنية و الديمقراطية عن طريق الحوار البناء بين مختلف الشركاء السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين”.

و اعتبرت الحركة خيار الحوار “السبيل الوحيد المؤدي إلى حلول توافقية بغية حل المشاكل الوطنية بطريقة سياسية وسلمية”، غير أنها رهنت نجاح هذا المسار ب “وضع الجزائر فوق كل اعتبار”، مؤكدة جاهزيتها للمشاركة في هذا المسعى من أجل الخروج من هذه الأزمة في أسرع الآجال.


إقرأ أيضا:  تبني الحوار مع البقاء في نطاق الشرعية الدستورية والعودة في أسرع وقت الى صناديق الاقتراع


وكما وصف حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) الحوار الذي دعا إليه نائب وزير الدفاع الوطني بالفرصة “الثمينة والهامة” للوصول بالجزائر إلى بر الأمان في “أسرع وقت ممكن”، داعيا  كل مكونات الطبقة السياسية والفاعلين في المجتمع المدني والشخصيات والنخبة وممثلي الحراك الشعبي إلى المشاركة “الفعالة” في هذا الحوار الذي “يستوجب أن يكون جامعا  مسؤولا  صادقا و بناء  تكون من خلاله مصلحة الوطن والمواطن الهدف الأسمى”.

كما ثمن المواقف “المسؤولة والتاريخية” للجيش الوطني الشعبي، خاصة تلك المتعلقة ب “مرافقة مؤسسات الدولة ومطالب وطموحات الشعب الجزائري وكذا المحافظة على أمن واستقرار ومجابهة المخاطر المحدقة بالوطن”.

و من جهتها، اعتبرت حركة مجتمع السلم في بيان توج اجتماع مكتبها التنفيذي، أن “ساعة الحوار قد آنت” وبأن الحوار الجاد والمسؤول والعقلاني يعد “حتمية أكثر من أي وقت مضى بعد سقوط مشروع انتخابات 4 جويلية”.     

و أكدت الحركة استعدادها للمساهمة في إنجاح أي حل آخر في إطار حوار “تقوده شخصيات نوفمبرية  مقبولة شعبيا  غير متورطة في الفساد والتزوير” و يضمن هدفين أساسيين هما “التناغم مع الإرادة الشعبية بتغيير +الباءات+ (بن صالح و بدوي و بوشارب) وضمان الانتقال الديمقراطي السلس الذي ينهي التزوير الانتخابي الذي هو أساس الفساد وكل الانحرافات الأخرى”.

و غير بعيد عن هذا الرأي  ذكر رئيس جبهة العدالة والتنمية  عبد الله جاب الله  بأن حزبه كان قد أعلن و منذ البداية “ضرورة تبني الحوار لحل الأزمة”  غير أنه أبرز بالمقابل تمسكه بموقفه بخصوص دور المؤسسة العسكرية التي شدد على أنها “مطالبة بتحمل المسؤولية  وتزكية أشخاص ليسوا من أولياء بوتفليقة أو شاركوا معه في الحكم” و هو ما يعد “السبيل الذي سيفضي إلى حل سياسي دستوري يستجيب لمطالب الشعب”.

أما رئيس حزب “فجر جديد” فقد دعا على لسان رئيسه الطاهر بن بعيبش  إلى وضع ميكانيزمات واضحة لهذا الحوار  مضيفا بأن حديث قائد الأركان في هذا الشأن “منعطف إيجابي جدا ينبغي تثمنيه”.

و على صعيد آخر، و بعد أن ذكر بأن الحوار “وسيلة حضارية لطالما دعت إليها المعارضة وتمنت الوصول إليه”، حذر التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية من أنه  “لا يحق” للفريق قايد صالح تحديد شروط هذا الحوار، مضيفا بالقول “من جانبنا  فنحن نريد حوار ا حقيقي ا ونزيها  ومثمر ا (…) حول المشكلات الأساسية التي أعاقت مسيرة بلدنا وحول سبل الخروج من الأزمات الدورية التي يمر بها بلدنا منذ 1962”.

غير أنه أردف مؤكدا بأنه لا يريد الخروج من مرحلة حساسة ومعقدة  بقدر ما يريد أن يجعل من هذه المرحلة “بوابة دخول إلى جزائر الحرية والتقدم”، و هو ما يمثل -من وجهة نظره- مكمن الاختلافات بين الطرفين في الرؤى وفي الطرح.

و في ذات الموضوع، يرى رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور بأنه و “مع ظهور بوادر الحوار، يتعين في البدء وضع تعريف لهذا الأخير”، مذكرا بأن المسيرات الشعبية تنادي بإحداث تغيير جذري للنظام الحاكم.

فمن وجهة نظره، “نحن الآن لم نعد في مرحلة الحوار بل المفاوضات من أجل تغيير نظام الحكم و بالتالي الرد إيجابا على المطالب الشعبية المرفوعة”.

اقرأ المزيد