حصري: عمار سعيداني يخرج عن صمته ويفجر العديد من القضايا - الجزائر

حصري: عمار سعيداني يخرج عن صمته ويفجر العديد من القضايا

الحراك الشعبي، بوتفليقة، المؤسسة العسكرية، الحلول المقترحة، الدولة العميقة، الافلان .. وغيرها من القضايا، تحدث عنها الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني عمار سعيداني بشكل مباشر مفجرا العديد من المفاجآت في هذا الحوار الحصري مع “TSAعربي”. منذ 22 فيفري يستمر الحراك الشعبي و يتوسع بالتحاق العديد من القطاعات والفئات، ما هي قراءتكم لهذا الحراك؟ الحراك هو جزء من وضع عام، له دوافعه ومبرراته وأيضا وقته، ففي رأيي أن المهم هو مطالب الحراك وأيضا تسييره، أنا متأسف جدا حينما أرى أن هناك إجحافا كبيرا للرئيس ليس من طرف مجموعة كبيرة من الشعب ولكن من طرف المحيطين بالرئيس، هؤلاء الذين كانوا سببا فيما وصلت إليه الوضعية العامة في البلاد، هؤلاء الذين انفضوا من حول الرئيس وكانوا يلبسون برنوس الرئيس منذ 20 سنة. أين هم الزوايا الذين في عهد الرئيس كانوا يدعون له بالشفاء والنجاح وأخذوا مكاسب ومقرات وأخذوا أموالا وجوزات في كل فترة، أين ذهب هؤلاء ألم يستطيعوا الكلام على شخص طاعن في السن عمره 82 سنة، مريض على كرسي، ألم يستطيعوا قول كلمة حق وكانوا يساندونه، أين هم الأئمة الذين كانوا يدعون للرئيس على المنابر بالشفاء، ألا يحثهم الدين على أن يرحموا مريضا؟ أيضا المسؤولون الكبار الذين كانوا يسيرون شؤون البلد، هم من كانوا يصرفون الميزانية ويوزعون الأموال، الحكومات هم المسؤولين عن صرف الأموال وليس الرئيس، فالرئيس لا يسير الأموال بل يوقع في آخر العام على الميزانية التي مرت على البرلمان وصادق عليها، والتي جاءت بها الحكومة وهي المكلفة بصرفها وليس الرئيس. أين هم الوزراء والمدراء والسفراء وكل من كان مغطي ببرنوس الرئيس، كلهم انفضوا من حوله يتبرؤون من أشياء هم من فعلها وليس الرئيس، أنا شاهد على فترة طويلة، واستغرب عندما أرى مجموعة كبيرة كانت تشكل الحكومة، تقول اليوم يجب أن يسقط النظام. أنا طالبت وألحيت من قبل على أن نقوم ببناء دولة مدنية، فالدولة التي فيها قضاء مسير بالأوامر ليست بدولة .. الدولة التي فيها الوزير الأول هو من يدير ديوان الرئاسة وكل شيئ يمر عليه واسأل نفسك عندما غاب الوزير الأول ومدير الديوان هل هناك قرارات تخرج من الرئاسة؟ اليوم كل القرارات التي يشك فيها المواطنون كانت تخرج بأوامر من الدولة العميقة وممثلها في الرئاسة. أنا أقول إن هذا الرئيس كان يجب أن يُنصف ليس فقط من أجل عمله بل أيضا من أجل عمره، كان مجاهدا وكان وزيرا لشبيبتنا وهو الذي قام ببناء صرح الشبيبة والرياضة، كان سفيرنا يجوب العالم وشرّفنا، وكان رئيسا منذ 20 سنة والكل يعلم أن الشعب خرج يستقبل الرئيس بالورود والحمام الطائر. أنا لا أتكلم على النظام بل على شخص الرئيس، وليس على أي شخص آخر، كان يجب أن يُنصف هذا الرئيس وأن يخرج بأصدق رسالة. بعد تواصل الحراك الشعبي جاءت رسالة من الرئيس بوتفليقة يقول فيها إنه لم يكن ينوي الترشح وهو ما أحدث الكثير من التساؤلات لدى الجزائريين، فما تعليقك؟ الرسالة الوحيدة التي لا أشك في أنه كتبها هي رسالة 18 مارس، التي قال فيها إنه لم يكن ينوي الترشح، لأن الترشيح جاء من الدولة العميقة لماذا؟ .. حتى تبقى هي تسيّر من ورائه، ونحن نعلم ونعذر الرئيس لأننا نعلم أنه مريض فعلا، فمنذ 2014 إلى يومنا هذا الرئيس مريض، وأنا في 2014 كنت من الذين رشحوا الرئيس لسببين الأول هو أنه في ذلك الوقت كان الربيع العربي وكانوا يحضرون لنا مؤمرة على الحدود ويأتون بالإرهابيين لإدخالهم الى الجزائر وانا اعرف علاقة الرئيس ببعض الدول التي لها باع في الربيع العربي وخاصة دولا عربية وإسلامية، فعلاقة الرئيس بهم حميمة وطيبة، فأردت أن يبقى حتى لا ندخل في الربيع العربي مثل سوريا أو ليبيا أو غيرها. وثانيا قدمت اقتراحات لمساعدة الرئيس لأنني أعرف أنه مريض وهذه الاقتراحات موجودة ومكتوبة أعطيناها لما كان النقاش حول تعديل الدستور، في البداية كان عبد القادر بن صالح يترأسها ثم تدخلت الدولة العميقة وأبعدوه وجاؤوا بأويحيى، وكنا في جبهة التحرير الوطني آخر المتدخلين في النقاشات ولما جئنا لتقديم الاقتراحات لأويحيى ومنها استقلالية القضاء حيث طالبنا بأن المجلس الأعلى للقضاء يجب أن يكون مستقلا تماما ولا يرأسه الرئيس الذي لم يحضر ولو مرة واحدة اجتماعه، بل يرأسه قاضي يُنتخب من طرف القضاة ويكون مستقلا وهو من يوظف ويُرقّي وهو الذي يحوّل.. وأن يكون للرئيس نائبان، وأعطيتهم المادة مكتوبة، على أن يتكفل أحد النائبين بالداخل، يراقب الحكومة والشأن العام والآخر يُكلّف بالخارج وينوب عن الرئيس في الاستقبالات، حتى لا تحدث مهازل كما وقعت كاستقبال الرؤساء والسفراء والوزراء والمبعوثين، ويمثل الرئيس في الخارج ليشرف الجزائر، فأمسكها أحمد أويحيى ووضعها في الدرج، لكي يبقى هو من يسير في الديوان وهو الذي يكتب الرسائل مع كاتبه ويتخذ القرارات، وبالتالي ليس الرئيس هو المسؤول هم المسؤولون عن ذلك. الرئيس قال لم أكن أنوي الترشح، أُكمل عهدتي وأُغادر، فلماذا هذه المطالب على الرئيس وهو مريض يريدونه الخروج مهزوما، أي عاقل يريد أن يُخرج شيخا عمره 82 سنة مهزوما، مريضا وفوق كرسي؟ والقضية كلها شهر وبعد الشهر الرئيس لا يعيد الترشح ما أطلبه أن يعذر الناس هذا الرئيس، اتركوه يكمل شهره وهذا أمر ديني، أُتركوه يدشن مسجدا كان يحلم بتدشينه يقف فيه ولو لحظة على كرسيه .. هو مجاهد وشيخ كبير ومريض. الجميع ربما يتساءل من وراء الحراك الشعبي ؟ الحراك متكون من ثلاث مجموعات مجموعة شعبية بريئة، رافضة للفراغ الحاصل في الرئاسة ورافضة أن تكون الجزائر بدون قيادة، ومعروف أنه ما عدا القيادة العسكرية فالباقي غير موجود، وهو ما شحن المواطنين للمطالبة بتغيير النظام، وهذا من حقهم وهؤلاء الجزء الأكبر في الحراك والحمد لله. الجزء الثاني هم أحزاب تريد نيل مكاسب، ولما كان أكثر الحراك الشعبي بريئا رأيتهم كيف طرودوا الاحزاب وعاملوهم معاملة سيئة، وهؤلاء الأحزاب يريدون مكاسب، وترى كيف أنهم كل ما ينتهي حراك الجمعة يجتمعون بالسبت ويصدرون بيانات ومطالب هم يريدون أن يجنوا ثمار الحراك لكن الشعب فاهم. المجموعة الثالثة هي مجموعة مندسة عندها مطالب معينة، تريد أن تضرب المؤسسات وهذه وراءها الدولة العميقة، لأنه بذهاب هذه المؤسسات تعيد هيكلة نفسها وهذا خطر وهي تضرب مؤسسات الجمهورية، الرئاسة ووزارة الدفاع والافلان. وأعطي مثالا في قيادة الأركان أول ما تكلم الفريق قايد صالح في رسالة، راحوا ينادون بأنه ضد الحراك، رغم أن الفريق وجه رسالة أنه مع المواطنين وضد المندسين وهؤلاء الذين وصفهم بتلك الأوصاف وليس الحراك، ومع ذلك فسروا كلامه على أنه ضد الشعب ورفعوا شعارات على أنه ضد الشعب لماذا؟ في رأيي أن القوة الخارجية تريد ضرب المركز، والمقصود هنا ليس مركز الحراك فقط، بل مركز المؤسسة العسكرية، ومركزها يوجد في قيادة الأركان، يريدون الرجوع إلى قيادة الأركان لأنهم عن طريقها قاموا بكل ما فعلوه منذ 1992 وبدونها إنهاروا، وبالتالي يبحثون عن مركز قيادة الأركان وضربه، عن طريق المسؤول عنها، والذين يبحثون عن هذا هم دول كبيرة في الخارج ومجموعة كبيرة في الداخل من الدولة العميقة. ومركز الحراك محمي بجزء كبير من المواطنين المخلصين الذين خروجوا، ولكن مركز الحراك مباشرة بعد الرئاسيات سيتفكك، فالجميع يذهب إلى أحزابهم ومرشحيهم وهو غير دائم، أما مركز وزارة الدفاع فهو دائم ولا بد من المحافظة عليه. وأنصح الذين يدعمون الحراك سواء عن طريق الصحافة أو مواقع التواصل الإجتماعي أن يحذروا من هذا الخطأ القاتل لأنه إذا تحصلت المجموعة (الدولة العميقة) على قيادة الاركان فكل شيئ يتغير ولن تكون ديمقراطية ولا قضاء حر ولا دولة مدنية وسنرجع إلى 1992 وبالتالي ليس في صالح لا الإسلاميين ولا الديمقراطيين ولا الاشتراكيين ولا الرأسماليين ذلك. لا بد أن تبقى مطالب الحراك مع بناء دولة مدنية وقضاء حر وصحافة حرة، وهي الأشياء الثلاثة الثابتة التي تنقذ البلاد والعباد، قضاء حر يخضع للمجلس الأعلى للقضاء، ولا وصاية عليه، والوزارة تقوم فقط بتحضير أدوات العمل، وصحافة حرة ومهنية وليست صحافة بزنسة فيها الصحفي حر ولديه كل مؤهلات الحياة وليس مستغلا من طرف رب العمل. السيد سعيداني، ما هو المخرج الذي تقترحه لهذه الأزمة؟ ما هي النتيجة التي سيخرج بها الحراك لما نصل الى 18 أفريل هل يأتون بمجموعات من الشارع لكي يكوّنون دولة أم بهذه الأحزاب التي اجتمعت ننشئ حكومة؟ المخرج في رأيي هو أن الجهة الوحيدة التي تضمن الاستقلالية لانتخابات حرة ونزيهة بمعنى الكلمة، هي القضاء، يجب أن يشرف على الانتخابات القضاة، واذا وسعناها فتشمل المحامين، لأن القضاة محلفين وليس لديهم الحق في الترشح وهم محميون وبالتالي الجهة الوحيدة التي يمكنها القيام بانتخابات حرة ونزيهة هم القضاة. من أبرز الشعارات التي حملها المتظاهرين هي رحيل الافلان، فهل يمكن القول اليوم أن الافلان مسؤول عن الوضع الحالي ؟ أولا، المندسين في داخل الحراك من الأحزاب ومن الدولة العميقة التي كانت تستغل الافلان، تريد إبعاد جبهة التحرير الوطني عن المشهد القادم، وهو مطلب خارجي يتعلق بالتاريخ. ثانيا، إحالة الافلان على المتحف كانت في عهد بومدين ورفضها، ولم ينظم المؤتمر إلا بعد ظهور مناضلين شباب ونظم من أجلهم المؤتمر، وكنت حاضرا في مؤتمر العمال في 1978 عندما طلب كل من سي بومنجل وسي داودي من بومدين أن ينظم مؤتمرا، فرد عليهم قائلا “لما يكون هناك مناضلين أنظم المؤتمر”. والدولة العميقة اليوم تريد أن تجعل الافلان في المتحف، وهناك طلب خارجي وداخلي من أجل ذلك، يتمثل الداخلي في المعارضين لجبهة التحرير الوطني منذ تأسيسها، وأيضا الاحزاب، لأن الافلان حين تشارك مع الأحزاب في انتخابات فلن يستطيعوا التغلب عليها، وكان الأولى إدخال الأحزاب الاخرى للمتحف، التي ليس لها الا الخاتم أو التي كانت تسير الدولة. وقلت لك أن قضية ادخال الافلان المتحف جاءت في وقت بومدين ورُفضت وفي وقت الشاذلي وبوضياف وكافي وزروال ورفضوها، زروال رفض حل الافلان بطلب من بتشين عندما أرادوا تأسيس الارندي بدعوى أنه يدعم الفيس. جبهة التحرير ملك للجزائريين وهي حزب وهي ملك لمناضليها الوحيدين الذين يستطيعون حلها او لا.