جيجل: “التشعبينة” تقليد مكرس في شهر شعبان

جيجل- تعد “التشعبينة” التي أخذت إسمها من شهر شعبان واحدة من العادات والتقاليد التي لا يمكن لساكني جيجل التخلي عنها في شهر شعبان.

و حسب الأوساط الشعبية فإن “التشعبينة” تعتبر دعوة عشاء تقوم من خلالها, وفي غالب الأحيان النسوة, بدعوة “بناتهن المتزوجات” للحضور إلى البيت العائلي مساء بغية التلاقي وتبادل أطراف الحديث في جو عائلي محض تليها وجبة عشاء مميزة تكون غالبا وجبة تقليدية.

و تقول السيدة عزيزة, وهي موظفة في الخمسينيات من العمر, أن “التشعبينة” عادة حميدة ورثتها أما عن جدة, فهي تقام في أحد أيام شهر شعبان من كل سنة يتم من خلالها دعوة البنات المتزوجات للبيت العائلي الذي نشأن فيه للالتقاء وتذكر أيام الطفولة, كما يمكن كذلك أن تقام بين الجيران وهي “نسوية بامتياز”.

و تضيف السيدة عزيزة أن النسوة ينتظرن الدعوة بفارغ الصبر, لما لها من خصوصية ومميزات, فهي تبدأ غالبا في المساء من خلال تناول “قهوة العصر” وتتواصل إلى غاية إقامة مأدبة عشاء.

و يراد ل “التشعبينة” خاصة التي يتم فيها دعوة الجيران إبراز قيم التسامح في حال كانت هناك مشاحنات سابقة أو سوء تفاهم  بينهم.

و تتميز المأدبة المقدمة في “التشعبينة” بكونها طبقا تقليديا يتكون من “الدويدة” (عجائن رقيقة في شكل معكرونة) مصنوعة يدويا, يليه طبق الكسكس بالعصبان الذي يعد سلطان المائدة بدون منازع.

و تتجاوز “التشعبينة” إعداد الأطباق إلى لم شمل العائلة في البيت الكبير, وأحيانا يتجاوز عدد المدعوين 20 شخصا حال ما تم دعوة جميع الأقارب.

من جهتها, تقول خالتي سامية في الستينيات من العمر أن “التشعبينة” يعتبر “تقليدا متوارثا من الأجداد تميزها الالتقاء وتبادل أطراف الحديث والسمر إلا أن باطنه يكتنز العديد من معاني التكافل والتسامح والتآزر بين العائلات والأحباب”.

و تضيف خالتي سامية أن مثلا شائعا في جيجل يتم تداوله بكثرة خلال شهر شعبان مضمونه “في شعبان لي عندو حبيب يبان”.

 

إنتقال “التشعبينة” من البيوت إلى المطاعم والشواطئ

 

 

و انتقلت في الآونة الأخيرة “التشعبينة” من أسوار البيت العائلي واقتصارها على النسوة إلى بعض المطاعم التي تقدم الأكلات التقليدية والتي وجدت في “التشعبينة” وسيلة للترويج السياحي.

و يتوجه, علاوة على ما ذكر, بعض من الجيجليين لتقديم طبق “التشعبينة” إلى شواطئ البحر حيث يقوم الشباب بدعوة بعضهم بعضا لقضاء أمسية “سمر” تمتزج فيها الحكايات والقصص بما جادت به “قفة” كل فرد في جو أخوي عائلي بامتياز.

و يقول رابح بالمناسبة أنه, إضافة إلى إقامة التشعبينة في المنزل العائلي, اعتاد على أن يكون سباقا في دعوة أصدقائه وزملائه خلال شهر شعبان على مائدة تقليدية بأحد مطاعم المدينة يتم خلالها إقامة جلسة حميمية تتمازج بين ذكريات وشغب الطفولة والحاضر المعاش في جو أخوي يهدف إلى إحياء هذا الموروث “النبيل”.

اقرأ المزيد