يشهد قطاع السكك الحديدية في الجزائر طفرة كبيرة مع مشروع السكة الحديدية العملاق بشار-تندوف-غار جبيلات، الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ البلاد من حيث الحجم والتأثير. بفضل هذا المشروع، الذي انطلق بقرار من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أكتوبر 2023، ستتحقق إنجازات ضخمة ستعزز النقل والشحن التجاري، مع تحسين التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الجنوبية للبلاد.
التقدم السريع في أشغال المشروع
بحلول عامه الأول، حقق المشروع تقدماً ملحوظاً، خاصة في الشطر الأول “بشار–حماقير” الذي يمتد على مسافة 200 كيلومتر. أوضح عبد القادر مزار، مدير الاتصال بالوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، أن الأشغال تسير بوتيرة جيدة؛ حيث تم إنجاز أكثر من 8.8 مليون متر مكعب من أشغال الردم، ما يمثل نسبة إنجاز وصلت إلى 68% من إجمالي حجم الردم المقرر، بالإضافة إلى 1.5 مليون متر مكعب من أعمال الحفر، بواقع 40% من الحجم المطلوب. يُتوقع استكمال جميع أعمال الردم والحفر لهذا الشطر بحلول نهاية يونيو 2025.
إنشاء بنية تحتية قوية
يشمل الشطر الأول من المشروع بناء العديد من المنشآت الأساسية، بما في ذلك 13 جسرًا و14 ممرا للسكة الحديدية، تم إنجاز سبعة جسور و12 ممرا منها حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب أكثر من 8,693 متر من القنوات الإسمنتية الضرورية و59 منصة خرسانية، ويتوقع استكمال هذه الأعمال بحلول نهاية مارس 2025. فيما يتعلق بوضع القضبان الحديدية، أشار مزار إلى أن فرق العمل قادرة على إنجاز 1.5 كيلومتر من القضبان يوميًا، ما يضمن استكمال هذا الشطر بنهاية نوفمبر 2025.
تقدم كبير في الشطر بشار-العبادلة
فيما يخص الشطر الذي يربط بين بشار والعبادلة، والذي يمتد على 98 كيلومترًا، تم تحقيق تقدم هام في أعمال التسوية، حيث تم إنجاز أكثر من 94% من أعمال الردم و93% من أعمال الحفر، مما يضع هذا القسم على طريق الإكمال في موعده المقرر.
تشغيل المشروع: نقلة نوعية في قطاع النقل الجزائري
من المتوقع أن يكون الشطر الأول من مشروع السكة الحديدية جاهزًا لدخول الخدمة بحلول الربع الأول من عام 2025. وصرح الرئيس المدير العام لمؤسسة “كوسيدار–أشغال”، الشريف قريرة، أن هذا المشروع سينقل الاقتصاد الجزائري إلى مستوى جديد، إذ سيوفر وسائل نقل حديثة وفعالة للمعادن والمستهلكين. ستسهم السكة الحديدية، الممتدة لمسافة 950 كيلومترًا، في نقل خام الحديد من منجم غار جبيلات عبر ثلاث مقاطع رئيسية: بشار–حماقير (200 كلم)، وتندوف–أم العسل (175 كلم)، وحماقير–غار جبيلات (575 كلم).
دعم الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية في الجنوب
سيسمح هذا المشروع بنقل 50 مليون طن من خام الحديد سنويًا، ما سيسهم في دعم القطاع الصناعي عبر توفير المواد الخام للمصانع المتوقعة على طول مسار السكة، خاصة في ولايتي بشار والنعامة، إلى جانب تمكين التصدير عبر موانئ وهران، بواسطة ثمانية قطارات منجمية يومية. ولن تقتصر أهمية المشروع على النقل الصناعي فقط، بل سيوفر أيضًا خدمات نقل الركاب والبضائع، مما يسهم في تطوير حركة النقل عبر الجنوب الغربي للبلاد، مع إنشاء خمس محطات للركاب والبضائع في تندوف، العبادلة، حماقير، وأم العسل، لتسهيل تنقل الأفراد والبضائع نحو الشمال.
خاتمة: تطور استراتيجي يعزز الاقتصاد الوطني
يمثل مشروع السكة الحديدية بشار-تندوف-غار جبيلات قفزة نوعية في تطوير البنية التحتية الجزائرية. وبدخوله حيز التشغيل بحلول عام 2025، يتوقع أن يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم المشاريع الصناعية وتسهيل حركة النقل. يعد هذا المشروع أحد الخطوات الاستراتيجية التي تتخذها الجزائر لتعزيز مكانتها الإقليمية والاستجابة لمتطلبات النمو الاقتصادي، وتحقيق رؤية متكاملة للنقل الحديث في البلاد.
خط السكة الحديدية بشار – تندوف -غار جبيلات : الأشغال تتقدم بوتيرة “جيدة “