“تصويب الدعم” عدالة اجتماعية تنتظر التجسيد … هذه مقترحات خبراء وفاعلين - الجزائر

“تصويب الدعم” عدالة اجتماعية تنتظر التجسيد … هذه مقترحات خبراء وفاعلين

هكذا يعتدي خواص ومراكز الإطعام الجماعي على حق العائلات في الدعم

 رغم أنه كان دائما محل حديث الحكومات المتوالية، لمعالجة الإختلالات الاقتصادية والاجتماعية، في موازنة الدولة، لا تبدي الرئاسة في الجزائر، تسرعا في تصويب الدعم، حيث قررت التريث، ذلك أن هذا الملف الثقيل، الذي يعد مكسبا ثوريا للشعب الجزائري، يحتاج معالجة دقيقة.

الحديث عن ضرورة تصويب النموذج الحالي للتحويلات الاجتماعية كان من بين الطابوهات التي تم تكسيرها منذ أن تراجعت أسعار البترول عام 2014، غير أن الجرأة في تعميق النقاش لم تكن في الموعد.

وسبق لحكومة بوتفليقة، أن أعلنت عن تنصيب لجنة وزارية على مستوى وزارة التضامن، تتشكل من المالية، التجارة، الداخلية والتضامن تعنى بإعداد مقترح لتصويب الدعم، لكن سرعان ما اندثرت نتائج عملها في سياق انتفاضة “الحراك”.

وزادت الاضطرابات السياسية، التي عاشتها البلاد، منذ العام الماضي، من مبررات تأجيل هذا المقترح، حيث قال الرئيس عبد المجيد تبون، في آخر لقاء صحافي له، يوم الأربعاء، إنه ضروري لكن ليس أوانه.

الدعم الاجتماعي، كان يكلف الجزائر منذ 5 سنوات الجزائر حوالي 65 مليار دولار، كانت توجه لدعم أسعار السلع الأساسية، من حليب، مواد طاقوية ومواد غذائية، هذا المستوى العالي من الإنفاق صار مستحيلا الآن، والحل هو إضفاء أكثر عدالة على هذا النظام، ففعلا من غير المعقول أن يقتني الملياردير الخبز بسعر مدعم أو أن يملئ خزان سيارته التي تجاوز قيمتها المليار بوقود مدعم من الدولة.

ومع الحديث عن ظاهرة تبذير الخبز، التي باتت تكبد الخزينة العمومية ما يضاهي 350 مليون دولار، حسب أرقام الحكومة، وضرورة محاربة الظاهرة، ذلك أن الخبز يباع للمواطن مدعما. كما أعادت سلطات محلية، التنبيه بوجود مرسوم يمنع استعمال الحليب المدعم في المقاهي. عادت التساؤلات لتطرح مجددا: “هل يكمن الحل في رفع الدعم عن الخبز والحليب ليعرف المواطن قيمته؟”

 

“حماية المستهلك” تطالب بجلسات وطنية لتصويب الدعم

يقول رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، لـ “البلاد.نت”، إن الحل ليس أبدا في رفع الدعم، مبرزا أن الخبز والحليب المدعمان يبذران في مؤسسات الإطعام الجماعي، كالمستشفيات ومراكز التكوين والإقامات الجامعية.  ويقترح رئيس جمعية حماية المستهلك أيضا، أن تفعّل الحكومة آليات الدعم للعائلات فقط وليس مراكز الإطعام الجماعي.

ويلفت مصطفى زبدي، إلى أنه سبق لجمعية وطنية أن قدمت حوصلة للحكومة كحلول لهذه المعضلة، من بينها أخذ المبلغ وصبه مباشرة في حسابات كل الجزائريين. لكنه يرى أن هذه الإشكالية تحتاج تنظيم جلسات وطنية بحضور كل الفاعلين الاجتماعيين، الاقتصاديين والسياسيين، لأن الدعم الاجتماعي مكسب ثوري، لا يمكن لأي حكومة الفصل فيه بطريقة تنفيذية فقط.

 

خبير اقتصادي: خمس سنوات كافية لتصويب الدعم

آلية الدعم تبقى مرتبطة بمكسب سوسيو-سياسي، حيث أن الشعب الجزائري يستفيد من إعانة الدولة التي أسسها في معيشته. يقول الدكتور تومي عبد الرحمن خبير اقتصادي، مدير العالمية لريادة الأعمال، إن الفساد الذي عاشته البلاد خلال السنوات الأخيرة، حول هذا المكسب إلى مطية لنهب مقدرات الخزينة، موضحا أن وفرة المالية العامة جعلت أصحاب النفوذ يستفيدون من جزء كبير من الدعم، سيما ما تعلق ببودرة الحليب ومشتقات الحبوب.

ويرى ذات الخبير، أن معالجة هذا الخلل ليس سهلا، يحتاج إلى دراسات ميدانية من قبل خبراء لمعاينة الواقع وقياس الظاهرة كميا ثم تحليل المعطيات تحليلا علميا للخروج بنتائج على ضوئها ترسم خطة قصيرة وأخرى متوسطة وثالثة طويلة، ومع بلوغ العام 2025 نكون قد تحكمنا في الدعم والتبذير عن طريق جملة من الآليات، تشريعات، جهة مخولة قانونيا لمتابعة تنفيذ القوانين وتفعيل سلطات الرقابة والوقوف على أماكن الخلل لمعالجتها في حينها.

 

التجربة العراقية والإيرانية يمكننا الاقتداء بها

ويرى الأستاذ تومي، أن تجارب كثيرة يمكن للجزائر الاقتباس منها، كالبطاقة العراقية التي تحتاج إلى إقحام الرقمنة، أو النموذج الإيراني، من خلال تقسيم المستفيدين من الدعم المباشر، أي قيمة مالية كل شهر، لثلاثة فئات وهي الفئة الفقيرة، الطبقة المتوسطة والطبقة الثرية، وكان قيمة الدعم المالي طبعا تختلف من مستوى إلى آخر، فكانت الطبقة الثرية تتحصل في مرحلة أولى على قيمة رمزية، إلى أن تم سحب 3 ملايين عائلة ثرية من قائمة أي دعم سنة 2014، فصار الأثرياء لا يتحصلون على أية مساعدة.

اقرأ المزيد