تحقيق يفضح إغواء المغرب لمحامين أوروبيين لتبييض محاكماته الصورية ضد ناشطين صحراويين

بروكسل- يتواصل مسلسل فضح سياسة المغرب التي باتت مقرونة بشراء الذمم والغش لتبرير احتلاله و انتهاكاته لحقوق الإنسان و اعتقالاته الصورية و اضطهاده للمدنيين الصحراويين, لا سيما المدافعين عن حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة, حيث كشف تحقيق بلجيكي جديد عن استمالة المخزن لمحامين بلجيكيين من اجل تبييض صورة المحاكمات الجائرة التي أدانت بشكل تعسفي ناشطين من مخيم “اكديم ازيك”.

فبعد محاولة استمالة الدول الإفريقية والتجسس على الدول الأوروبية و اختراق البرلمان الأوروبي, اصطدم اليوم المخزن بتفطن الإعلام الغربي الذي بات منبرا يعري كل مرة جانبا من حقيقة هذا النظام الذي لا يتوانى في استخدام كل الوسائل غير الأخلاقية وغير القانونية لتثبيت وجوده في أراضي الصحراء الغربية.

وكانت الضحية هذه المرة مهنة المحاماة النبيلة التي تعنى بتحقيق العدالة وسيادة القانون, غير أنها ابتليت اليوم بتسلل الاحتلال المغربي لذوي النفوس الضعيفة, لإغوائهم بالمال والجاه, للتواطؤ معه في جرائمه بانتهاك حقوق المعتقلين السياسيين من مجموعة “اكديم ازيك” من خلال محاكمات صورية تفتقد إلى أدنى شروط المحاكمات العادلة.

وكشف تحقيق لقناة “راديو تلفزيون بلجيكا الموجهة للجالية الفرنسية” (آر تي بي آف), ثمرة ثمانية أشهر من متابعة ممارسات الدبلوماسية المغربية, كيف تم اختيار محامين بلجيكيين ل”مراقبة ومتابعة” محاكمات صورية بالمغرب لتبييض مجراها, على أن يتم في المقابل مكافأتهم من خلال دفع مصاريف إقامتهم في فنادق فخمة ودعوتهم لحضور حفلات الملك المغربي المرموقة.

وركز هذا التحقيق على الناشطين الصحراويين والمعتقلين السياسيين من مخيم “أكديم إيزيك”, حيث قال أنه في عام 2013, أصدرت محكمة عسكرية مغربية أحكاما ضد المعتقلين, بالسجن تصل إلى المؤبد, مذكرا بموقف عدة جمعيات دولية معنية بحقوق الإنسان التي أدانت المخالفات التي تضمنتها محاكمات المعتقلين, واصفة إياها ب”الصورية” كون الاعترافات انتزعت من النشطاء تحت وطأة التعذيب والترهيب.

كما قوبلت هذه المحاكمات بإدانات من قبل منظمات دولية منها لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة التي أدانت المغرب سنة 2016, بسبب انتهاكات متعددة لاتفاقية مناهضة التعذيب ضد شخص النعمة أسفاري, المدافع عن حقوق الإنسان و احد المعتقلين في القضية.

وقدم التحقيق باستفاضة فصول محاكمة الناشطين, مركزا على محاكمة 2017 بمحكمة الاستئناف بسلا, التي حظيت “بتغطية إعلامية واسعة”, حيث اتسمت الجلسات “بمخالفات خطيرة”, حسب ما أكدته إنغريد ميتون, إحدى محاميي الدفاع الفرنسيين الثلاثة في هذه الجلسة التي صرحت أنها كانت “محاكمة سريالية وغير عادلة”, مبرزة كيف عجزت طيلة فصولها من الوصول إلى موكلها أو الحصول على ملف القضية, و أن المرة الوحيدة التي سمح لها بالتحدث إلى موكلها كانت في سجن المحكمة وسط تواجد كبير لرجال الشرطة المغربية.

والمثير للدهشة حسب ما أكدته القناة البلجيكية, هو أنه على الرغم من شهادات المحامين الفرنسيين, “قدم المحامون المستأجرون أقوالا غير التي قدمت من قبل, فخلال محاكمة الاستئناف, التي حضرها محامون بلجيكيون ممثلين عن نقابة المحامين في بروكسل في مهمة المراقبة, منهم بيير ليجروس وصوفي ميشيز وأندريه مارتن كارونجوزي وإيمانويل كارلييه, أكد الملاحظون ان المحاكمة كانت +عادلة+”.

وهي نفس التصريحات التي ما فتئ يرددها المراقبون في كل المقابلات الصحفية التي نشرتها بشكل واسع وسائل الإعلام المغربية, او تلك التي نشطوها في بروكسل, من خلال القول بأن المحاكمة جرت بطريقة “مثالية”.

وبعد ست سنوات من صدور الحكم, لم تتمكن المحامية إنغريد ميتون من تصديق هذه التصريحات و أكدت بالقول: “من الواضح أننا لم نشهد نفس المحاكمة”, مضيفة بالقول: “على أية حال, فهو لا يتوافق مع واقعي ولا مع ما حدث في قاعة المحكمة”.

وحاول التحقيق كشف أصل مهمة المراقبة التي أوكلت للمحامين البلجيكيين, مبرزا انه “لا يوجد تقرير رسمي لتوكيلهم بهذه المهمة”, وهو ما أكده جيفروي كرويسمانز, كبير موظفي رئيس نقابة المحامين في بروكسل, الذي قال: “لست على علم بأن السادة ليجروس وميشيز وكارلييه وكارونجوزي, كانوا مكلفين في ذلك الوقت (…) بمهمة المراقبة”.

وخلص التقرير إلى التأكيد على انه تم “اختيار المحامين البلجيكيين من قبل المغرب لتحليل إجراء محاكمة رمزية وسياسية للغاية, وما تلى ذلك هو تصريحات ومؤتمرات صحفية تتناقض تماما مع عدد كبير من المراقبين, ولا سيما المنظمات غير الحكومية”.

و ابرز التقرير “الإغراء المالي” الذي كان المحامون عرضة له من خلال الصور التي ظهرت فيها صوفي ميشيز سنة 2019 وهي تصافح الملك محمد السادس خلال عيد العرش, كما شوهدت أيضا وهي في فندق فخم في طنجة.

اقرأ المزيد