بوشوارب رجل السعيد المتمرد على سلال! - الجزائر

بوشوارب رجل السعيد المتمرد على سلال!

من بين ما كشفته محاكمة رموز العصابة من فضائح
كشفت أطوار محاكمة رموز العصابة التي جرت أطوارها في محكمة عبان رمضان بالعاصمة، عن “العبثية” التي كانت تسير بها الدولة في عهد حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، من قبل القوى غير الدستورية، والتي طبعها استقواء بعض الوزراء ورجال الأعمال بقوى “غير دستورية” تدير الدفة من خلف الستار.

الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، الذي قضى نحو خمس سنوات على رأس الحكومة، وأزيد من ثماني سنوات على رأس وزارة الموارد المائية التي كانت تحوز على أعلى ميزانية للتجهيز (بسبب كثرة المشاريع)، بين بقية الوزارات الأخرى، اعترف أمام القضاء في قضية تركيب السيارات، بأنه لم تكن لديه أدنى سلطة على وزير الصناعة والمناجم الأسبق، عبد السلام بوشوارب الفار من العدالة.

وإن كان اعتراف سلال في مثل الوضع الذي كان عليه، قد يعتبر محاولة للتنصل من المسؤولية التي يتحملها فيما وصلت إليها البلاد، إلا أن تمرد بوشوارب على سلال كان معروفا لدى الكثير من رجال الإعلام، حينها، والسبب استقواءه بشقيق الرئيس السابق ومستشاره الخاص، السعيد بوتفليقة، المدان بـ15 سنة سجنا نافذا من قبل المحكمة العسكرية بالبليدة، في قضية التآمر على سلطة الجيش والدولة، التي أدين فيها كل من رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق، الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، ومنسق المصالح الأمنية، اللواء بشير طرطاق، والناطقة الرسمية السابقة لحزب العمال لويزة حنون.

بوادر تشكل فضيحة “تركيب السيارات” بدأت في 29 أفريل 2014، عندما اختير بوشوارب لتولي حقيبة وزارة الصناعة في حكومة سلال الثالثة، وفي حكومة سلال الرابعة (8 ماي 2015) أصبحت المناجم جزءا من وزارة الصناعة، بعد ما كانت جزءا من وزارة الطاقة.

يومها اقتنع العارفون بشؤون الاقتصاد وبالأخص قطاع تركيب السيارات، أن “العصابة” قررت تجميع صلاحيات هذا القطاع، الذي كان ينظم استيراد السيارات، ثم كذبة تركيبها فيما بعد، في وزارة واحدة هي وزارة الصناعة والمناجم، ومن ثم وضعها بين أيدي شخص واحد، هو بوشوارب، أداة السعيد بوتفليقة في التدمير، وذلك بعد ما كانت موزعة بين وزارتين هما “الطاقة” و”الصناعة”.

وخلال تلك الفترة، كان الرئيس السابق غائبا أو مغيبا عن تسيير البلاد، وتحول شقيقه ومستشاره الخاص، السعيد، إلى الآمر الناهي، بعد ما استولى على ختم الرئاسة، على حد وصف الكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية، وهي الفترة التي تغول فيها بوشوارب بشكل مخيف، وأصبح يتحرك خارج إرادة وزيره الأول سلال، إلى درجة أن بعض التسريبات وضعت اسمه من بين المرشحين لتولي منصب الوزارة الأولى.

ويعتبر بوشوارب من المقربين جدا للسعيد بوتفليقة، فهو الذي فرضه مرشحا عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي في تشريعيات 2012، رغم أنف الأمين العام للحزب حينها، الأسبق أحمد أويحيى، الذي لم يضعه في القائمة الأولى قبل أن يتدخل شقيق الرئيس ويفرضه عليه بعد مراجعة القائمة التي سلمت لوزارة الداخلية.

ويؤكد مصدر موثوق على دراية واسعة بقضية ترشيح بوشوارب ضمن قائمة العاصمة لحزب أويحيى في تلك التشريعيات، أن السعيد تقرب منه وطلب منه القيام بحملة لبوشوارب في العاصمة لوجود دين على رقبته تجاهه، غير أن هذا المصدر، تحفظ لوجود حساسية بينه وبين وزير الصناعة الهارب.

هذا التناغم بين بوشوارب والسعيد، يفسر بسهولة كلام سلال الذي اشتكى أمام قاضي محكمة سيدي محمد من تمرد وزير صناعته عليه، والتي تتقاطع أيضا مع حادثة إنهاء مهام الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون، من مقبرة العالية في جنازة رئيس الحكومة الأسبق، رضا مالك، حيث “ضبط” السعيد بوتفليقة وعلي حداد وعبد المجيد سيدي السعيد يومها، وهم يتغامزون على تبون، وهي الحادثة التي لم تمر طويلا قبل أن يعزل تبون، لتجرؤه على حداد.