باتنة: المجاهدة ساسية حليس شاهدة حية على الخلية النسوية السرية بحي المعسكر بقلب مدينة باتنة

باتنة – ما تزال المجاهدة ساسية حليس رغم تخطيها سن ال 85 تحتفظ بذاكرة قوية وهي تتحدث عن الخلية السرية النسوية التي تشكلت إبان الثورة التحريرية المجيدة بقلب بمدينة باتنة غير بعيد عن ثكنات العدو .

وروت المتحدثة في جلسة جمعتها بوأج كيف استطاعت عضوات هذه الخلية اللواتي كثيرا ما كن يجتمعن بمنزلها العائلي بحي كان يسمى أثناء الفترة الاستعمارية ب ” المعسكر” أن تترصدن تحركات عساكر الاحتلال ويقمن بتزويد عناصر جيش التحرير بمعطيات حول هذا الموضوع تنسيقا مع مجاهدين من المنطقة.

وأشارت في هذا الشأن المجاهدة حليس أن انخراطها في الخلية المذكورة وعمرها لا يتعد 17 سنة يعود لكونها مطلعة على النشاط النضالي والاستعلامي لوالدتها ربيحة حليس رفقة جاراتها بالحي المذكور وهن العطرة فيلالي وجمعة بوسيف وفلة جفال وأخريات واللواتي إلى جانب المهمة المذكورة يجتهدن في جمع الألبسة والمئونة وإعداد الطعام وتسليمه للمجاهد عميرة عامر كوسيط بين الخلية وعناصر جيش التحرير في الجبال .

وحسب المتحدثة فانه وبعد التحاقها للعمل في الموزع الهاتفي لبريد مدينة باتنة في يونيو 1957 بحكم إتقانها للغة الفرنسية تركزت مهمتها استغلالا لهذه الوظيفة على إعلام المجاهدين عبر منسق الخلية عميرة بما تسمعه أثناء ربط الاتصالات التي كانت في الغالب تجرى ما بين قوات العدو لاسيما المتعلقة بالدوريات أو طلب المساعدة لضرب بعض المناطق بعد أن تدون الملاحظات خفية لتسلمها فيما بعد إلى زميلها عميرة عامر ليستغلها عناصر جيش التحرير الوطني بالجبال المحيطة لمدينة باتنة إما لنصب الكمائن للعدو أو تجنب الوقوع معه في اشتباكات فجائية وغير متكافئة.

وطيلة هذه الفترة من نشاط المجاهدة في الخلية النسوية المذكورة تعاملت مع مجاهدين آخرين كانوا ينسقون مع عميرة عامر ومنهم حمودي بونقاب والهاشمي برغوث ورشيد بوستة وحمى عبد الصمد والهاشمي بن قودة لكنها لم تكن تعرف بتاتا وقتها المسؤولين الحقيقيين للنواحي بحكم التستر الكبير الذي يميز العملية.

وحسب المجاهدة فانه رغم الحذر الشديد المنتهج في ممارسة مهام الاستعلام في الخلية المذكورة إلا أن أحد الخونة وشى ببعض عناصرها في بداية 1958 ما أسفر عن إلقاء القبض على أحد المجاهدين يدعى أحمد معلم كان على اتصال بعميرة عامر ويرجح أنه كان نشطا في خلية الفدائيين بمدينة باتنة لكنه حفظ السر ولم يدل بأي معلومات للعدو رغم تعرضه لأبشع أنواع التعذيب.

وفي إطار التحقيق الذي فتحته السلطات الاستعمارية في حادثة القبض المذكورة تم توقيف المجاهدة حليس لمدة 24 ساعة تعرضت خلالها رغم صغر سنها لتعذيب نفسي رهيب من خلال احتجازها ليلة كاملة مع كلب شرس في غرفة مغلقة في فيلا ”اليد الحمراء” لجيش العدو الفرنسي المختصة في التعذيب والكائن مقرها مقابلا لمقر دائرة باتنة حاليا بعد أن نفت أية علاقة لها أو لأمها ربيحة بالمجاهدين.

وبعد إطلاق سراحها وعودتها للعمل بمركز البريد تم بعد أشهر استدعاءها للمحاكمة بالمحكمة العسكرية بقسنطينة رفقة مجاهدين متهمين في قضية المساس بأمن الدولة الفرنسية وصدر ضدها حكما بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة 3 أشهر.

وعلاوة على نشاطها في الخلية المذكورة تحتفظ ذاكرة المجاهدة حليس بأحداث عدة شهدتها مدينة باتنة إبان الثورة التحريرية المجيدة أبرزها مظاهرات 11 ديسمبر 1961 ودور المجاهدين الهاشمي عبد الصمد ومحمد الفدائي وصالح معطار في تنظيمها وتحديد مسارها كما تولت دوجة مستاك وجمعة بوسيف من حي المعسكر الذي احتضن الخلية السرية النسوية خياطة الأعلام التي حملها المتظاهرون في هذا الحدث الذي اهتزت له قوات الاحتلال الفرنسي ونجم عنه طردها من مركز البريد الذي كانت تعمل فيه.

ولم تنس المجاهدة حليس يوم ال 5 يوليو 1962 الذي كانت فرحته لا توصف كما قالت وعودتها بعد ذلك للعمل هي وزوجها في مركز البريد والاتصالات الذي طردهما المستعمر منه عقب مشاركتهما في احداث ال11 ديسمبر لتواصل رحلة العطاء في ظل الجزائر المستقلة دون أن تحيد عن النضال النسوي لتشغل منصب أمينة ولائية للإتحاد الوطني للنساء الجزائريات بباتنة ثم أمينة عامة بالنيابة وطنيا لهذا الإتحاد في سنة 1974.