في خطوة تعكس الديناميكية الجديدة للاستثمار في الجزائر، أشرف المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش، صبيحة الأربعاء، على وضع حجر الأساس لأحد أكبر المشاريع الصناعية في ولاية الجلفة، والمتمثل في إنجاز مصنع لإنتاج عجينة الورق والورق الصحي والورق المقوى، وذلك بمنطقة النشاطات في بلدية عين وسارة.
ووفق بيان رسمي صادر عن الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، فإن هذا المشروع الصناعي الضخم، الذي تعود ملكيته لمجمع WAFA DOUX، يجسد رؤية الجزائر الجديدة في مجال الاستثمار، ويُعد نموذجًا واقعيًا للاستثمار المنتج والمهيكل، الهادف إلى تقليص التبعية لاستيراد المواد الأولية وتعزيز السيادة الصناعية، خصوصًا في قطاعات الصناعات التحويلية والبيئية.
مشروع استراتيجي بمقاييس عالمية
يمتد المصنع الجديد على مساحة تقدر بـ 35 هكتارًا، ويهدف في مرحلته الأولى إلى إنتاج 40 ألف طن سنويًا من الورق الصحي، وذلك اعتمادًا على رسكلة النفايات الورقية، ما يُمثل خطوة ملموسة نحو تبني نموذج الاقتصاد الدائري في الجزائر. كما يتضمن المشروع آفاقًا توسعية واعدة، تشمل مستقبلاً إنتاج الورق المقوى وإنشاء وحدة متخصصة في إعادة تدوير عجينة الورق الخام.
ومن المنتظر أن يدخل المصنع حيز الإنتاج الفعلي بحلول سنة 2026، حيث سيوفر في مرحلته الأولى 400 منصب شغل مباشر، لترتفع فرص العمل تدريجيًا إلى 1790 وظيفة مباشرة في أفق عام 2032، إضافة إلى آلاف مناصب العمل غير المباشرة المرتبطة بخدمات النقل، اللوجستيك، وجمع وفرز النفايات الورقية.
إشادة بسرعة الإنجاز والتزام الدولة
وفي كلمته خلال حفل تدشين المشروع، أعرب المدير العام للوكالة، عمر ركاش، عن ارتياحه الكبير لما وصفه بـ”السرعة القياسية” في إطلاق المشروع، موضحًا أن المستثمر حصل على العقار الصناعي في ديسمبر الماضي، ثم نال رخصة البناء في شهر فيفري، وشرع فعليًا في الإنجاز خلال أقل من ثلاثة أشهر، وهو “ما يعكس فعالية الإطار القانوني الجديد للاستثمار”، حسب تعبيره.
وأكد ركاش أن المشروع يُعد مكسبًا وطنيًا استراتيجيًا، كونه يجمع بين التوجه الصناعي، واحترام المعايير البيئية، والمساهمة في خلق القيمة المضافة، وهو ما تركز عليه الحكومة الجزائرية في سياستها الرامية إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
دعم محلي وشراكات مستقبلية
من جهته، أشاد والي الجلفة، جهيد موس، بأهمية المشروع في تحفيز التنمية المحلية، موضحًا أن ما يرافقه من أنشطة اقتصادية وفرص عمل سيساهم في تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الشباب على الانخراط في الحركية الاستثمارية. كما أكد حرص الولاية على إزالة كل العراقيل التي قد تواجه المستثمرين الجادين.
أما كمال مولى، رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، فقد رحّب بالمبادرة، معتبرًا أن هذا النوع من الاستثمارات يُبرهن على تحول الجزائر نحو صناعة حقيقية تقوم على التكنولوجيا والفعالية البيئية، مضيفًا أن المشروع يمثل “خطوة إلى الأمام في مسار التصنيع والتحول الاقتصادي”.
نحو تصدير الورق الجزائري إلى الخارج
يتوقع القائمون على المشروع أن تُساهم وحداته الإنتاجية في فتح أسواق تصديرية جديدة، خاصة في القارة الإفريقية والعالم العربي، فور الانتهاء من المرحلة الثالثة من الإنجاز. وبذلك يتحول المشروع من منتج محلي إلى فاعل إقليمي في صناعة الورق الصحي ومواد التغليف.
زيارات ميدانية لمتابعة المشاريع
وفي سياق موازٍ، أعلنت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار عن نيتها تنظيم زيارات ميدانية إلى ولايات وهران وخنشلة وباتنة، من أجل متابعة تقدم المشاريع الاستثمارية المسجلة، والتأكد من مدى التزامها بالمعايير والجداول الزمنية، وذلك في إطار تعزيز الحركية الاقتصادية وتكريس تنمية شاملة ومتوازنة عبر كافة جهات الوطن.
مصنع لانتاج عجينة الورق في الجلفة يوفر 2400 منصب شغل