اليوم العالمي للمرأة: التشريع سند أساسي لتمكين المرأة من بلوغ مكانتها السامية

الجزائر- عزز التشريع الوطني مكانة المرأة خاصة في الحياة السياسية, وهو ما أتاح انفتاح المجتمع أكثر على الكفاءة النسوية التي أثبتت قدراتها, فمهدت تلك القوانين الأرضية لإيلاء المرأة مكانتها المستحقة.

وعمد المشرع الجزائري, انطلاقا من الوثيقة العليا في البلاد إلى تعديل الترسانة التشريعية بما يتيح تمكين المرأة وتفعيل دورها في مختلف المجالات, فعلى الصعيد السياسي, عرفت المشاركة النسوية تصاعدا متواصلا بعدما عملت التشريعات الوطنية على دعم المساواة في الحقوق السياسية بين المرأة والرجل, وهو ما تجلت ثماره في ارتفاع مؤشر التمثيل النسوي بشكل كبير حاليا, حسب ما صرح به اساتذة في القانون الدستوري ل”واج” .

وفي هذا الخصوص, يوضح الأستاذ في القانون الدستوري السعيد أوصيف, أن التشريع الوطني”يعرف تطورا مهما فيما يخص حقوق المرأة سيما في مجالات الممارسة السياسية”, مبرزا أن ذلك مستمد من الدستورالذي ينص على منع أي تمييز على أساس الجنس في تولي مناصب العمل أو حتى في الوظائف العليا في الدولة.

وتنص المادة 37 من دستور نوفمبر 2020 على أن “كل المواطنين سواسية أمام القانون, ولهم الحق في حماية متساوية”.

وتتمظهر المساواة في الحقوق السياسية في مشاركة المرأة في الحياة العامة عبر آليات مختلفة تساهم من خلالها في صنع القرار وتحديد السياسات العامة والتأثير فيها أو اختيار ممثلين عنها وذلك عن طريق الترشح أو التصويت.

وفي هذا الصدد, يوضح الأستاذ المحاضر بجامعة بشار, محمد الصغير سعداوي, أن “الوضع القانوني للمرأة شهد تطورا محترما, منه توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة”, وهو ما اعتبره مسألة أساسية تتيح ولوج المرأة إلى المجالس المنتخبة ومشاركتها بطريقة ديمقراطية في “صناعة القرارات وعملية التشريع والمساهمة في إعداد القوانين ومناقشتها وإصدارها سواء بعضويتها في المجلس الشعبي الوطني أو في مجلس الأمة أو حتى في المجالس الشعبية الولائية والبلدية”.

كما يتضمن الدستور تمييزا إيجابيا لصالح المرأة فيما يتعلق بالتأكيد على ترقية مكانتها السياسية, وذلك في المادة 59 التي تنص: “تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة”.

وتجسدت المادة 59 من الدستور في قانون الانتخابات الأخير الذي تضمن شرط المناصفة في الترشيحات للانتخابات المحلية والتشريعية, إذ تنص المادة 176 على “.. يتعين على القوائم المتقدمة للانتخابات, تحت طائلة رفض القائمة, مراعاة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال”, وهو ما يمثل تراجعا عن نظام الكوطة (نظام الحصص) السابق.

وفي هذا الخصوص يرى أستاذ القانون الدستوري موسى بودهان, أن “الخطوة جاءت دعما للكفاءة وفتح المنافسة الانتخابية وتأكيدا لحق اختيار المواطنين لممثليهم وتحقيقا لتكافؤ الفرص بين الجنسين”.

وفي السياق ذاته, أكد الأستاذ سعداوي أن النظام الحالي يضمن الحضور النصفي للمرأة في جميع القوائم الانتخابية, وبذلك “يحافظ للمرأة على وجودها في القوائم ويعطي بعد ذلك للناخب حق التصويت بالتفضيل بين المترشحين”, وهو ما يرى فيه “دعما لولوج المرأة للمجالس في الدوائر الانتخابية المختلفة, خاصة مع التركيز على دعم حاملات الشهادات لإيلاء الكفاءات مكانتها المستحقة”.

 

دعم الكفاءات النسوية

 

إلى جانب المجالس المنتخبة, يدعم التشريع الوطني المساواة بين المرأة والرجل في تولي الوظائف العامة, وهي الخطوة التي وصفها أستاذ سعداوي ب “مسألة مهمة”, موضحا أن القانون يضمن للمرأة أن تكون على قدم المساواة مع الرجل في تولى الوظائف العليا في الدولة, وهو ما نشهده في الحكومة الجزائرية التي تسند عدة حقائب وزارية للنساء, كما نشهده في رؤساء الجامعات, وفي الولاة وصولا إلى مختلف المناصب السيادية.

أما في مجالات العمل, فكانت الجزائر من أولى الدول التي أقرت المساواة بين العمال أيا كان جنسهم وإقرار الاستفادة من نفس الأجر والامتيازات. فيضع القانون شروط متساوية بين الرجل والمرأة في التوجيه الوظيفي والمهني والالتحاق بالمناصب العليا والحصول على الدرجات العليا والترقية في الرتب.

ولأن الحقوق لا تتجزأ, فقد تواصلت جهود المشرع الجزائري في حماية المرأة في مختلف أوساط تواجدها. كما استحدث المشرع جريمة مضايقة المرأة في الأماكن العمومية. وكذا جريمة التحرش الجنسي في الوسط المهني بالإضافة إلى جريمة انتهاك الآداب وجريمة التصرف في ممتلكات الزوجة في إطار مبدأ الذمة المالية المستقلة.

وإن كانت المرأة الجزائرية قد قطعت أشواطا كبيرة, فذلك نتاج التكامل بين جهودها وبين دعم التشريع لها,– وفقا لوصف الأستاذ أوصيف –, بعدما تمكنت النساء بفضل كفاحهن من الاستثمار في الحيز الممنوح لهن والاستفادة من المساواة المتاحة في مختلف المجالات من التعليم إلى التوظيف أو حتى الرياضة ومختلف المجالات التي كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجل, لتكون تلك الإنجازات دافعا جديدا لانفتاح الذهنيات والمساعدة بالتالي في تطوير التشريعات في إطار خصوصية المجتمع الجزائري والتشريع الإسلامي.