المغرب: انتقادات حادة لخطة فلاحية بسبب فشلها في الاستجابة لحاجيات المواطنين

الرباط – يحتدم النقاش بالمغرب حول جدوى ما يسمى ب”المخطط الأخضر” لتنمية الزراعة الذي أطلقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وسط انتقادات حادة أعادت الجدل الى واجهة الاحداث في المملكة، لفشله في تحقيق الاهداف المسطرة، وعلى رأسها الاكتفاء الذاتي.

هو تحدي آخر ينضاف الى العديد من التحديات التي تضع حكومة رجل الاعمال أخنوش على المحك، وهو الذي رعا الاستراتيجية الفلاحية منذ دخوله عالم السياسة عام 2007 ، حينما كان يشغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري آنذاك.

ويرى خبراء التنمية أن الخطة سجلت انعكاسات سلبية على المستهلك، إذ يواجه المغرب أزمة غير مسبوقة على مستوى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن التضخم الذي قال عنه أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، إنه “مشكلة حقيقية هيكلية” للاقتصاد المغربي، بسبب نقص العرض، خاصة الفلاحي، وهو التحليل نفسه الذي سبق أن ذهب إليه بنك المغرب.

وكانت وسائل اعلامية قد نقلت عن المسؤول المغربي قوله إن التضخم “راجع بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي شهدت زيادة بأكثر من 20 في المائة خلال هذا العام، وهذا الوضع يحتاج إلى ثورة زراعية من أجل تغيير نظام الإنتاج”.

هذا التقييم السلبي جدا يضرب بشكل مباشر مختلف النتائج التي تم الترويج لها حول “مخطط المغرب الأخضر”.

ويرى مراقبون أن المغرب “فقد حتى اكتفاءه الذاتي في قطاعات معينة، مثل اللحوم الحمراء، ومن ثم وجدت الحكومة نفسها مطالبة باللجوء إلى الواردات لتلبية الطلب على لحوم البقر مع كل الجدل الذي تسببت فيه هذه العملية”.

وتستعد حكومة أخنوش أيضا لاستيراد مليون رأس غنم حيث يقدر اتحاد منتجي اللحوم والألبان والمنتجات الزراعية، أن الأسواق المغربية ستشهد انخفاضا بنسبة 30 في المائة.

ومن هذا المنظور، أكد الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، أن المغرب “لم يستطع إلى اليوم توفير الأمن الغذائي، خاصة بالنسبة لعدد من المواد الأساسية، استجابة لحاجيات المواطنين، كما لم يستطع ضمان استقرار الأسعار حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن”.

من جهته، يلاحظ الاعلامي محد طيفور أن “مردود عشرية من العمل على هذه الاستراتيجية التي رصدت لها الدولة كل الامكانيات قصد انجاحها، لم يرق الى مستوى التطلعات ولم يحقق الاهداف المسطرة التي أضحت حبرا على ورق، في ظل الفشل الذريع في كسب رهانات عديدة”.

واعتبر الباحث والاعلامي، محمد بنيس، أن الخطة التي خصصت لها الدولة موارد مالية ولوجستية “ضخمة”، تحولت إلى”كابوس مخيف يهدد الأمن الغذائي الوطني. ففي وقت كان ينتظر أن يلبي هذا المخطط حاجيات السوق الداخلي من المنتوجات الفلاحية ويحقق الحد الأدنى من الاكتفاء الغذائي، يقف المغاربة اليوم على حقيقته المرة : أزمة غذائية و ارتفاع مهول في أسعار المواد الغذائية و تدني القدرة الشرائية لفئات اجتماعية عريضة، وهو ما أربك الحكومة التي تفتقد على ما يبدو لبدائل ملموسة للحد من تداعيات هذه الأزمة”.

بدوره، سجل الناشط الحقوقي بجمعية الدفاع عن حقوق الانسان، الشرقي لبريز، أن نتائج “المغرب الأخضر” أدت الى خروج “مئات الآلاف من المغاربة للاحتجاج بالشارع كل يوم بسبب غلاء المعيشة، علاوة على أن البرنامج كان سببا مباشرا في تهجير 150 ألف مغربي من الوسط القروي كل عام، كما دفع المغرب الى تسول القمح والشعير والزيوت من أسواق أوروبا وكندا، وتسول البقر والجاموس من حظائر أمريكا اللاتينية، وجعل المغرب يتسول القروض من صندوق النقد الدولي لتغطية احتياجاته، بعد أن عرف الميزان التجاري عجزا رهيبا بسبب استيراد المواد الغذائية والحيوانية”.

ويرفض عزيز أخنوش، بعد أن قضى 14 عاما وزيرا للفلاحة، أي تقييم أو نقد ل”مخطط المغرب الأخضر”، وبحلول لحظة المساءلة، يقول المراقبون، “هرب إلى الأمام بإطلاق استراتيجية زراعية جديدة باسم +الجيل الأخضر 2020-2030+ للتغطية على فضائح وكوارث المخطط الأول”.