المستخدمون الطبيون بوهران في مواجهة كوفيد-19: دحر “العدو غير المرئي” - الجزائر

المستخدمون الطبيون بوهران في مواجهة كوفيد-19: دحر “العدو غير المرئي”

المستخدمون الطبيون بوهران في مواجهة كوفيد-19: دحر

وهران – اختار الأطباء والشبه طبيون بوهران أن يبقوا بعيدا عن عائلتهم والإقامة بفنادق ليخصصوا كل أوقاتهم لمواجهة فيروس كورونا المستجد بالمستشفيات التي يعملون بها ، كما هو شأن الطاقم المجند بمركز كوفيد-19 بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية “أول نوفمبر” الذي رفع التحدي من أجل إنقاذ حياة المرضى معرضين أنفسهم للخطر.

يستحق هؤلاء الممارسون للصحة كل التقدير والاحترام، فقد لبى معظمهم النداء دون تردد على اعتباره “واجب وطني” كما قال البروفيسور للو المتخصص في الأمراض الصدرية والمنسق لمركز كوفيد-19 بذات المؤسسة الاستشفائية الجامعية.

لم يعد هذا الطبيب المتخصص الذي بلغ سن ال 75 سنة، يعبأ بعدد الساعات التي يقضيها في العمل، فهو مثل الجندي في الجبهة همه الوحيد دحر ” العدو غير المرئي”.

ويلتحق البروفيسور للو بالعمل على الساعة الثامنة صباحا ولا يغادر إلا في حدود منتصف الليل و يقضي جل وقته في متابعة المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.


إقرأ أيضا: فورار: تسجيل 129 حالة جديدة مؤكدة و 4 وفيات جديدة في الجزائر


وعلى الرغم من وتيرة العمل “المتعبة”، تحدث البروفيسور في هدوء عن “الإحساس بالرضا” الذي يشعر به عندما يتعافى المرضى ويعودون الى عائلاتهم.

وهدوء هذا الاختصاصي الذي يتنقل من غرفة مريض إلى أخرى وبالحد الأدنى من الوقاية يبعث على الحيرة، غير انه يفسره بالقول أنه طبعه، لكونه يستطيع دائما “التحكم في مشاعره”.

وأوضح أن وجوده بقرب المصابين بفيروس كورونا المستجد “أمر طبيعي” بحكم مهنته لان الشخص عندما يقرر الانضمام إلى سلك المآزر البيضاء عليه أن “يكون مستعدا لمواجهة جميع الوضعيات بما فيها تلك الأكثر صعوبة”.

       

                         = التعرض لخطر العدوى … =

 

تعيش الممرضة الشابة حنان التي تم تجنيدها منذ عدة أسابيع مع فريق البروفيسور للو، وضعية خاصة، إذ كانت مجبرة على الابتعاد عن ابنتها الرضيعة التي لم يتعدى عمرها السنة الواحدة وأبقت صغيرتها برفقة جدتها، الوضع الذي تسبب في الانقطاع الفجائي للرضاعة الطبيعية.

وقالت بتنهيدة عميقة: “كان من الصعب قبول هذا الفراق والفطام المباغت، لكن، رغم القلق، أحاول أن أكون إيجابية على أمل أن ينتهي الوباء ونعود إلى حياتنا الطبيعية”.

من جهتها صرحت نسيمة، و هي ممرضة شابة انضمت طوعا للفريق المتكفل بكوفيد-19:  “كلنا لدينا عائلات تنتظرنا وفي حاجة الى تواجدنا اليومي معها وتقلق من أجلنا”.

وقد اختارت هذه الممرضة التي كانت تعمل بمصلحة جراحة الفم والوجه والفكين، بمحض إرادتها الالتحاق بفريق البروفيسور العربي خمليش رئيس مصلحة الإنعاش التي تستقبل الإصابات الخطيرة بفيروس كورونا.


إقرأ أيضا: فيروس كورونا /كلوروكين: استجابة “تامة” للحالات التي خضعت لهذا البروتوكول


وتقول الممرضة نسيمة بكل باقتناع واعتزاز انها لم تقم سوى بتلبية نداء الواجب لأن البلد “في حاجة إلى كل كفاءاته”.

وعلى الرغم من الضغط الكبير الذي يواجهه الفريق الطبي بمصلحة الإنعاش، يسود هذا الأخير جو شبه عائلي، إذ يلتقي الأطباء وشبه الطبيين بقاعة كبيرة، كانت في السابق مخصصة للاجتماعات، يتبادلون الحديث ويمزحون و يتقاسمون وجبات الغذاء.

وتسمح هذه الأجواء لأعضاء الفريق الطبي “من تخفيف الضغط وإعادة شحن الهمم”، على رأي البروفيسور خمليش الذي يقضى جل وقته في العمل وذلك منذ تشغيل مركز كوفيد-19 بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية.

إذا كانت الفرق الطبية المكلفة بالإصابات بفيروس كورونا المستجد معرضة للخطر فان الخطر يتضاعف ب 160 مرة بقاعات الإنعاش حيث تتطلب العلاجات المقدمة للمصابين اتصالا وثيقا للأطباء والممرضين.

والتكفل بالمرضي لا يقتصر على تقديم العلاجات “بل أيضا يتطلب تقليب المرضى وتنظيفهم”، كما أوضح نفس المختص الذي يظل طوال اليوم بمصلحته وعلى مدار كل أيام الأسبوع.

ولما سألناه عن الأخطار التي يتعرض لها وحتى الموت، بقي صامتا ثوان قبل أن يقول بصوت خافت “الإيمان هو ملجئي الوحيد في أوقات الشك والخوف والقلق”.

وعلى الرغم من قناعته الراسخة ومهنيته التي لا جدال فيها، إلا ان البروفيسور خمليش وهو أب لأولاد صغار السن، يعترف أنه يشعر أحيانا بالضعف ويقول في هذا الشأن: “في مثل هذه الأوقات، عندما يبدو النفق بعيدا، لا يوجد سوى الإيمان لاستعادة الثقة”.

 

                         = التفكير في الراحة، مجرد أمنية… =

       

يجرى العمل بالمصالح التي تتكفل بالمصابين بفيروس كورونا بوتيرة لا تطاق حتى أن الفرق الطبية وشبه الطبية لا تحصي الساعات التي تقضيها و يظل رؤساء المصالح مجندين طوال اليوم وعلى مدار كل أيام الأسبوع.

وبمصلحة الإنعاش وعلى الرغم من أن شبه الطبيين موزعين على ورديات لست ساعات إلا أن الكثير منهم يمدد ساعات العمل لتخصيص مزيد من الوقت للمرضى.

وتقول الممرضة نسرين بمصلحة الإنعاش أن وجود الفرق الطبية و شبه الطبية بمصالح العلاج “أنفع” من بقائها  في الفندق الذي تكون فيها في حالة حجر.

نفس وتيرة العمل تعرفها مصلحة الفرز المهيأة على مستوى روضة المؤسسة الاستشفائية الجامعية، والتي تتكفل بها رئيسة المصلحة ،الطيب، و هي الطبيبة الوحيدة المتخصصة في علم الأوبئة بهذه المؤسسة. فالطيب هي أول طبيب يستقبل الحالات المشكوك فيها والمؤكدة وتقوم بالفحوصات الأولى وتوجيه المريض.

ويتوافد على هذه المصلحة نحو 30 مريضا في اليوم، وبعد التحدث مع المرضى لقياس درجة الخطر يخضع البعض منهم، حسب الحالات، إلى اختبار سريع والبعض إلى فحص بواسطة السكانير، فيما يطلب من آخرين العودة الى منازلهم والبقاء حذرين من احتمال ظهور أعراض.

وتقول الطبيبة الطيب التي تواصل العمل بنفس الوتيرة الى غاية نهاية اليوم، أن ما يقوم به الأطباء و شبه الأطباء “واجب” لأن المرضى في حاجة إليهم، لافتة إلى أنه “لا يمكن التفكير في الظرف الراهن في الراحة و الانتظار إلى غاية أن ينتهي كل شيء و تمر الازمة و تتحسن الأوضاع الصحية” فيما يخص فيروس كورونا.