الطيب بوقاسمي، أحد السباقين في الخلايا الأولى لمجاهدي جيش التحرير الوطني بالمدية

الطيب بوقاسمي، أحد السباقين في الخلايا الأولى لمجاهدي جيش التحرير الوطني بالمدية - الجزائر
الطيب بوقاسمي، أحد السباقين في الخلايا الأولى لمجاهدي جيش التحرير الوطني بالمدية

المدية – يعود فضل تشكيل النواة الأولى للخلايا النضالية التي كونت بعد اندلاع ثورة نوفمبر 54 المجيدة العمود الفقري لجيش التحرير الوطني, في منطقة المدية إلى الشهيد الطيب بوقاسمي المعروف باسم الطيب الجغلالي الذي سقط في ميدان الشرف بمنطقة “دار الشيوخ” (الجلفة) سنة 1959.

وتكفلت هذه الخلايا المقاتلة التي تم تشكيلها بشكل أساسي من عناصر منخرطة في حزب الشعب الجزائري و اخرى في المنظمة السرية، بشن عمليات عسكرية متفرقة انطلاقا من الجبال التي لجأوا إليها هروبا من انتقام الجيش الاستعماري، حسبما أكده مراد حمزاوي مدير المتحف الجهوي للتاريخ ولاية المدية، في إطار كتيب اصدر بمناسبة أحياء الذكرى ال65 لاندلاع الثورة التحريرية.

وبعد أن عينه الشهيد سويداني بوجمعة الذي كان يتولى قيادة الولاية الرابعة التاريخية التي كانت تشكل منطقة المدية وما جاورها (المنطقة الثانية)، شرع الطيب الجغلالي بمساعدة كل من بن يوسف كريتلي و رشيد بن سيد-امو في هيكلة وتنظيم تلك الخلايا من أجل تحضيرها لمهام أكثر صعوبة.

لهذا الغرض تم تهيئة مخابئ وملاجئ على مستوى جبال المنطقة وجمع الاسلحة والبدء في تنظيم عملية تجنيد في صفوف اشخاص ذوي ثقة وقد تم اسناد مهمة التجنيد الصعبة هذه –حسب مؤلف الكتيب- الى الشهيد رابح سعودي المدعو “الجباس” الذي نجح في تجنيد عدة أشخاص من بينهم عدة بن سونة و احمد الوجواج و بنيسة بن دامرجي و محمود باشن.

ثم توسعت هذه النواة مع مرور الأيام بعد وصول مجندين جدد وانعكس ذلك من خلال تنظيم افضل للثورة المسلحة عبر انشاء ثلاثة هياكل كلف واحد منها بالانخراط و تنظيم الوحدات المقاتلة والاخر اسند له مهمة جمع الأسلحة و الذخيرة فيما اضطلع الثالث بالأمور المالية -حسب ذات الكاتب-.

وتم إرسال مجموعة من المجندين ابتداء من فبراير 1956 الى مراكز التدريب التي اقيمت في جبال “زبربر” (البويرة) و بعد انتهاء تربصهم تم توزيع هؤلاء على الوحدات العملياتية على مستوى “جبل زكار” و”موزاية” و”الونشريس” وعبر مختلف مناطق القتال بالمدية وما جاورها.

في ذات الوقت ظهرت خلايا اخرى بتابلاط تحت قيادة الشهيد رابح مقراني ثم بالبرواقية تحت اشراف ابراهيم العيد و بعين بوسيف بجنوب الولاية وتم اسناد قيادتها لمحمد الكرارشي.

وعلى الرغم من التفوق العسكري للعدو الا ان تلك الخلايا المجاهدة قد نجحت في القيام بعشرات العمليات العسكرية خلال الفترة الممتدة بين يونيو 1955 و نهاية 1956 –حسب ذات المؤلف- الذي اشار الى عدد 17 هجوم او اشتباك خلال تلك الفترة حيث تم تنفيذ 61 عملية من قبل فدائيين و 71 عملية تخريب و 19 كمين.

للتذكير ان الكتيب الذي صدر بمناسبة الذكرى ال65 لاندلاع الثورة التحريرية يندرج في اطار “المساهمة في كتابة تاريخ بطولات مجاهدي الحرية لاسيما الدور الذي لعبته مجموعة قليلة من الرجال لإنجاح الثورة المسلحة التي اندلعت ذات نوفمبر 1954” –حسبما اوضحه المؤلف مراد حمزاوي-.

وخلص في الاخير الى التأكيد بان الكتيب الذي اعتمد بشكل اساسي على شهادات مكتوبة و صوتية تم استقاؤها من شهادات فاعلين مباشرين من تلك الحقبة و كذا وثائق للمنظمة الوطنية للمجاهدين و مؤسسة الولاية الرابعة “يحاول تسليط الضوء على جوانب لا زالت مجهولة عن بدايات الثورة على مستوى المنطقة الثانية من الولاية الرابعة التاريخية التي تشمل المدية و البلديات المجاورة لها”.