الصحراء الغربية : تكثيف النضال على جميع الجبهات في 2023 من أجل افتكاك الاستقلال

الصحراء الغربية : تكثيف النضال على جميع الجبهات في 2023 من أجل افتكاك الاستقلال

الجزائر- ينهي الشعب الصحراوي, تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد, جبهة البوليساريو, سنة 2023 وكله عزم على تكثيف النضال ضد الإحتلال المغربي بكل الوسائل المشروعة والمتاحة لانتزاع حريته وبسط سيادته على كامل أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وثرواته وموارده الطبيعية.

وعلى الرغم من اعرابها في العديد من المناسبات عن ارتياحها لمختلف القرارات الدولية التي أكدت من جديد على الوضع القانوني للصحراء الغربية, فان جبهة البوليساريو ما فتئت تؤكد في كل مرة على أن الحل الوحيد الواقعي والعملي لتسوية النزاع في الصحراء الغربية و استكمال عملية تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في القارة الإفريقية, يكمن في تطبيق مخطط التسوية الأممي-الإفريقي لعام 1991, الذي قبله رسميا طرفا النزاع (جبهة البوليساريو والمغرب) وصادق عليه مجلس الأمن بالإجماع.

غير أن مواصلة المغرب في تعنته وعرقلة مخطط التسوية ورفضه تطبيق مختلف القرارات الدولية, أبرزها القرار الأممي 1514 في المنطقة غير المتمتعة بالحكم الذاتي, دفع بجبهة البوليساريو إلى العودة الى المربع الاول و استئناف الكفاح المسلح يوم 13 نوفمبر 2020, بعد أن انتهك جيش الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الساري المفعول منذ عام 1991.

وبعد ثلاث سنوات من الحرب التي تخوضها قوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي على طول الجدار الرملي الفاصل, قررت القيادة العامة للجيش, خلال اجتماع ترأسه الرئيس الصحراوي, الامين العام لجبهة البوليساريو, إبراهيم غالي, “تسريع وتيرة تصعيد القتال” ضد قوات الاحتلال المغربية من خلال التأكيد على ضرورة تكثيف “العمليات النوعية” ضمانا ل”نجاعة” الكفاح المسلح .

وهو نفس المسعى الذي كانت قد ذهبت إليه جبهة البوليساريو خلال عقد مؤتمرها ال16 بولاية الداخلة بمخيمات اللاجئين الصحراويين في الفترة من 13 الى 17 يناير الماضي, حيث شددت على ضرورة “تصعيد الكفاح من أجل طرد المحتل وفرض السيادة” على كامل تراب الجمهورية الصحراوية.

هذا, وشهدت سنة 2023 أيضا احياء العديد من المناسبات التاريخية على غرار الذكرى ال50 لتأسيس جبهة البوليساريو و اندلاع الكفاح المسلح ضد المستعمر الإسباني ثم المحتل المغربي, وهي الاحداث التي شكلت فرصة للشعب الصحراوي جدد من خلالها تمسكه بمواصلة النضال الى غاية تحقيق النصر النهائي.

 

التضامن مع القضية الصحراوية يشق طريقه بخطى ثابتة داخل المؤسسات الدولية والاممية

 

تعزز الموقف الصحراوي الداخلي الصلب في التحرر والاستقلال بدعم دولي منقطع النظير, من خلال توسع رقعة التضامن مع  الشعب الصحراوي, فشقت القضية الصحراوية طريقها وبخطى ثابتة ليصل صداها الى العديد من المؤسسات, الدولية منها والاممية وحتى الاوروبية والامريكية.

وقد تجسد هذا التضامن فعلا طوال أعمال الدورة ال78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك, التي تناوب العديد من رؤساء الدول خلالها في الدفاع على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.

كما رافع ممثلو العديد من البلدان أمام اللجنة الرابعة التابعة للدورة ال78 للجمعية العامة, المكلفة بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار, من أجل تنظيم استفتاء “حر ونزيه” حول تقرير مصير الشعب الصحراوي, بهدف التوصل إلى حل دائم للصراع في آخر مستعمرة في افريقيا.

وعلى المستوى الاوروبي, تزايدت الأصوات المطالبة بضرورة دعم خطة التسوية الأممية-الإفريقية, وهو ما تمخض عن الندوة ال47 للتنسيقية الأوروبية للدعم والتضامن مع الشعب الصحراوي (إيكوكو), المنعقدة يومي 1 و 2 ديسمبر بطليطلة الإسبانية, التي عرفت حضور أكثر من 300 مشارك من العالم والتي أكدت على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير, داعية إسبانيا إلى الامتثال للشرعية الدولية والعودة إلى موقفها التاريخي فيما يتعلق بالصحراء الغربية.

وعلى صعيد آخر, لاقت الانتهاكات اليومية التي يرتكبها الاحتلال المغربي ضد المدنيين والنشطاء الصحراويين, لا سيما في الاراضي المحتلة, تنديدا دوليا واسعا في ظل بث بعض من المشاهد التي تسترقها اعين الكاميرات بين الفينة والاخرى بعيدا عن المراقبة المستمرة للاحتلال المغربي, ما دفع بالمسؤول الاول في الامم المتحدة, الى كتابة تقرير اسود عن حقوق الانسان بالمنطقة.

فقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, في تقريره, عن أسفه لتدهور حقوق الإنسان ولم يخف قلقه بشأن حماية الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة, وهو التقرير الذي صدر بعد وقت قصير من جولة قام بها مطلع سبتمبر, مبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية, ستافان دي ميستورا, في المنطقة, حيث تمكن ولأول مرة من زيارة الأراضي المحتلة والاجتماع بممثلين عن المنظمات الحقوقية والمؤسسات الإعلامية الصحراوية, التي قدمت له شهادات حية وتقارير مفصلة عن الجرائم التي يرتكبها المغرب.

وتمكنت جبهة البوليساريو من خلال الملاحظة المثيرة للقلق التي أدلى بها الأمين العام الأممي, من افتكاك انتصار كبير, بعد أن حث الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة, المغرب على إطلاق سراح, وبشكل “فوري”, السجناء السياسيين الصحراويين من مجموعة “أكديم إزيك” ومنحهم تعويضا, وفقا للقانون الدولي.

 

المعركة أمام المحاكم الأوروبية مستمرة

 

وعلى صعيد آخر من النضال, تواصل جبهة البوليساريو معركتها القانونية في المحاكم الاوروبية من أجل وقف مسلسل نهب الموارد الطبيعية للشعب الصحراوي من قبل المحتل المغربي وبعض الدول الاوروبية المتورطة معه, حيث يتطلع الجانب الصحراوي بتفاؤل كبير لقرار نهائي من محكمة العدل الأوروبية في هذا الإطار والمنتظر سنة 2024, وهذا في ظل غياب كلي لأي مؤشرات تدل على تجديد الاتفاقيات غير القانونية المبرمة بين الاتحاد الاوروبي والمغرب.

فبعد قرار المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021, الذي أكد على أن اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تم إبرامها دون موافقة شعب الصحراء الغربية بما أنها تشمل بطريقة غير قانونية المياه الصحراوية, قدم المجلس والمفوضية الأوروبيان استئنافا في ديسمبر من نفس العام, مع العلم أن الاتفاقية التي كانت صالحة لمدة 4 أعوام, انتهت في يوليو الفارط, إلا أنها تخضع حاليا لإجراءات قانونية أمام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بهدف منع تجديدها.

وكان محامي جبهة البوليسارو, جيل ديفرس, قد أكد عقب يومين من جلسات الاستماع العامة المتعلقة بالاستئناف الذي قدم من قبل المجلس والمفوضية الأوروبيين (في 23 و24 أكتوبر الماضيين), أنه واثق من نتيجة المحاكمة, لافتا إلى أن “العديد من العناصر في حوزة جبهة البوليساريو, و أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية عام 2016, والذي أكد أن المغرب والصحراء الغربية إقليمان متمايزان ومنفصلان, يشكل أساسا يمكننا أن نرى من خلاله إلى أي مدى يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك, ومنه الحصول على إلغاء هذه الاتفاقيات”.