السودان: الحرب على عتبة السنة الثانية والمجاعة والنزوح القهري يهددان البلاد

السودان: الحرب على عتبة السنة الثانية والمجاعة والنزوح القهري يهددان البلاد

الجزائر- لازالت الاوضاع في السودان تراوح مكانها بين قتال وتهجير, فيما يهدد شبح المجاعة هذا البلد وهو على عتبة سنة ثانية من حرب بدأت ضيقة وتوسعت رقعتها لتشمل 70 بالمئة من مناطق البلاد, مخلفة ألاف القتلى والنازحين.

ويمر اليوم عام على اندلاع النزاع المسلح في السودان, الذي خلف وراءه دمارا هائلا ومعاناة إنسانية فيما تبقى بوادر الوصول الى حل, رغم الجهود الدولية الحثيثة, بعيدة المنال في ظل اشتداد حدة الصراع مع مرور الوقت.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 , بعد توتر دام أسابيع بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط دمج الدعم السريع في قوات الجيش, في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.

ففي ال15 أبريل 2023, استيقظ السودانيون الذين كانوا يتأهبون للاحتفال بتوقيع منتظر على اتفاق مدعوم من القوى الإقليمية والدولية, ينهي أزمة سياسية داخلية,

ليقابلهم دوي أصوات الرصاص بمنطقة المدينة الرياضية بجنوب العاصمة الخرطوم لازالت مستمرة لغاية اليوم.

ويشهد السودان تصاعدا للصراع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في العاصمة الخرطوم ومحيطها, وكذلك في وسط وغرب البلاد, حيث يعرف الموقف الميداني استمرار وتكثيف للقصف المدفعي المتبادل بين طرفي النزاع ومواجهات محتدمة, خاصة بعد فشل نداء مجلس الامن لوقف فوري للقتال تزامنا مع حلول شهر رمضان.

ومنذ اندلاع الازمة بهذا البلد العربي الافريقي, ما فتأت الجزائر تدعو جميع الأطراف السودانية إلى وقف الاقتتال وتغليب لغة الحوار لتجاوز الخلافات مهما بلغت درجة تعقيدها.

كما أكدت على استعدادها لتكثيف جهودها بالتعاون والتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل المساهمة الفعلية في الجهود والمساعي الجماعية الرامية لوقف الاقتتال بين الأشقاء السودانيين وحثهم على العودة السريعة إلى المسار السلمي لحل الأزمة السودانية بطريقة نهائية ومستدامة.

وشكلت زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان, الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمان, الى الجزائر يناير الماضي, فرصة جدد خلالها رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون ,”وقوف الجزائر إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة ومواجهة قوى الشر التي تستهدفه”.

كما أبرز رئيس الجمهورية أن “الجزائر كانت ولاتزال تفضل حل النزاعات برؤية داخلية بحتة, بعيدا عن كل أشكال التدخل الأجنبي”, مشددا على أن “الكلمة الاولى والأخيرة تعود دوما الى الشعب السوداني بكل مكوناته”.

من جانبه, أكد رئيس المجلس السيادي لدولة السودان خلال الزيارة, أن بلاده تتعرض إلى “مؤامرة بتواطؤ شركاء إقليميين ودوليين”, معربا عن “سعادته بأن تكون الجزائر حاضرة في أي طاولة نقاش أو مفاوضات عربية أو اقليمية”.

 

الحرب تدفع بحالات المجاعة إلى مستويات قياسية

 

وخلال الأشهر الماضية, اتسعت رقعة القتال لتمتد من الخرطوم وتشمل نحو 70 بالمئة من مناطق السودان, وسط مخاوف كبيرة من فشل الجهود الجارية حاليا لتوصيل المساعدات الغذائية لأكثر من 25 مليون شخص من مجمل سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 42 مليون نسمة.

وكان يعقد الامل على أن يمثل اعتماد مجلس الأمن الأممي في مارس الماضي لقرار يدعو إلى وقف “فوري” لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان, فرصة لاسكات صوت البنادق.

وهو ما اعربت عنه الجزائر في رد فعلها عن القرار باسم أعضاء مجموعة +3A (الجزائر والموزمبيق وسيراليون وغويانا). وأكدت على لسان ممثلها الدائم لدى

الأمم المتحدة, عمار بن جامع, على الامل في “أن يغتنم الفاعلون السودانيون هذه الفرصة لوضع السلاح وخلق جو يفضي إلى الحوار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال القتالية قصد المضي قدما بصورة جماعية نحو مستقبل سلمي”.

كما تحدث السيد بن جامع عن الوضع الانساني في السودان, موضحا أن البلد يواجه “أكبر أزمة نزوح في العالم, مع خطر كبير لانعدام حاد للأمن الغذائي, مما يهدد

ملايين السودانيين سيما في دارفور”, مؤكدا على ضرورة دراسة جميع الوسائل الممكنة لضمان وصول المساعدات الإنسانية الدولية دون عوائق إلى جميع السكان

السودانيين المتضررين, و ذلك من خلال تعاون وثيق بين الحكومة السودانية والوكالات الإنسانية العاملة.

وخلفت الحرب القائمة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” نحو 13 ألفا و900 قتيل, وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ, وفقا للأمم المتحدة, فيما يواجه 18

مليون شخص في جميع أنحاء البلاد جوعا حادا . وعن هذا الخطر, حذر برنامج الأغذية العالمي من أن الحرب في السودان قد تؤدي إلى أسوأ أزمة جوع في العالم

ما لم تحصل الأسر في السودان وأولئك الذين فروا إلى جنوب السودان وتشاد على المساعدات الغذائية التي هم في أمس الحاجة إليها.

ومع احتدام الصراع, يواصل السودانيون الفرار من بلادهم حيث توجه نحو 1.8 مليون شخص إلى دول الجوار منذ اندلاع الأزمة, في حين نزح 6.7 مليون إلى مناطق

داخلية, وفق تقديرات أممية.

وأمام هذا الوضع, دعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أطراف الصراع إلى الوقف الفوري للقتال وفتح ممرات إنسانية لتمكين عمال الإغاثة من

الوصول إلى جميع مناطق السودان وتقديم المساعدات الإنسانية, محذرة من أن وضع الأمن الغذائي في البلاد “خطير للغاية”.

كما توقعت منظمة الصحة العالمية تفاقم أزمة السودان بشكل كبير في الأشهر المقبلة ويمكن أن تؤثر على المنطقة بأسرها, ما لم يتوقف القتال وإيصال

المساعدات الإنسانية بلا عوائق.