الرئيس تبون يستقبل أحد أبرز المقربين من ماكرون في الجزائر

الرئيس تبون يستقبل أحد أبرز المقربين من ماكرون في الجزائر - الجزائر

في خطوة مفاجئة تُثير العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، صباح اليوم الإثنين، رجل الأعمال الفرنسي-اللبناني رودولف سعادة، الرئيس المدير العام لشركة CMA CGM العالمية للنقل البحري والشحن. وتأتي هذه الزيارة، وفق بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية، في ظرف حساس تمر به العلاقات بين الجزائر وباريس، وهو ما يمنحها أبعادًا سياسية واقتصادية تتجاوز الطابع البروتوكولي.

أول شخصية فرنسية تزور الجزائر منذ “التوتر الكبير”

تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لشخصية فرنسية رفيعة تحلّ بالجزائر، منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية الحادة التي بلغت ذروتها بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نوال بارو، إلى الجزائر مطلع شهر أفريل الماضي. وقد تسببت هذه الزيارة في توتير الأجواء بين البلدين، خاصة في ظل ما اعتبرته الجزائر “تدخلاً غير مقبول” في شؤونها السيادية.

ورغم أن سعادة كان يُرتقب أن يزور الجزائر مباشرة بعد زيارة الوزير الفرنسي لإطلاق مشاريع اقتصادية مشتركة، إلا أن الزيارة أُلغيت بسبب تصاعد الخلافات، لتُستأنف بشكل مفاجئ الآن دون إعلان مسبق، ما يفتح الباب أمام قراءات متعددة حول الرسائل الدبلوماسية والاقتصادية الكامنة وراء هذا التحرك.

من هو رودولف سعادة؟ شخصية اقتصادية أم ورقة سياسية؟

رودولف سعادة ليس مجرد رجل أعمال عادي، بل يُعد من أبرز الشخصيات المقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويترأس مجموعة CMA CGM، ثالث أكبر شركة شحن بحري في العالم، والتي تلعب دورًا محوريًا في التجارة العالمية ونقل الحاويات.

وقد تضاعفت شهرة سعادة خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد أنباء عن دوره في الاستحواذ على مجموعة القنوات الفرنسية الشهيرة BFM TV وRMC، بترتيب وموافقة غير معلنين من قصر الإليزيه، وفق ما كشفته جهات فرنسية معارضة مثل حزب فرنسا الأبية. هذه الخلفية السياسية والاقتصادية تعزز الانطباع بأن زيارته للجزائر تتجاوز إطار التباحث الاقتصادي، وتحمل في طياتها رسائل فرنسية غير مباشرة لإعادة ربط قنوات الاتصال مع الجزائر.

CMA CGM: بوابة جديدة للعلاقات الاقتصادية؟

تُعد شركة CMA CGM من الشركاء المحتملين ذوي الوزن الثقيل في مجال النقل البحري والتجارة الدولية، وقد عبّرت سابقًا عن اهتمامها بالاستثمار في موانئ الجزائر وتعزيز دور البلاد كمنصة لوجستية محورية في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. ومن المرجّح أن يكون هذا المحور قد شكّل جزءًا من المباحثات بين الرئيس تبون وسعادة.

لكن في ظل الانقطاع الدبلوماسي غير المعلن، تبقى هذه التحركات حذرة ومرهونة بتقدم المفاوضات السياسية العليا، خاصة وأن الجزائر سبق أن ردّت على التوتر الأخير بإرسال وفد من مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري إلى فرنسا منتصف أفريل الماضي، في زيارة اعتُبرت مبادرة مستقلة تهدف إلى كسر الجمود الاقتصادي دون انتظار تسوية سياسية شاملة.

أزمة دبلوماسية مستمرة ومؤشرات تهدئة؟

ورغم أن الزيارة لا يمكن قراءتها حاليًا كمؤشر صريح على تحسن العلاقات بين البلدين، إلا أنها تحمل دلالات رمزية على إمكانية كسر الجمود، لا سيما وأنها تمت في أعلى مستوى، عبر استقبال رئيس الجمهورية شخصيًا لسعادة، ما يطرح فرضيات بشأن فتح قناة اقتصادية قد تُمهّد لاستئناف الاتصالات السياسية لاحقًا.

وتشير هذه التطورات إلى أن الجزائر تعتمد مقاربة مستقلة في إدارة أزمتها مع باريس، قائمة على الفصل بين العلاقات السياسية والاقتصادية، بما يتيح المجال أمام تحريك بعض الملفات الحيوية دون التفريط في الثوابت السيادية، وهو ما يظهر جليًا في تمسك الجزائر بمواقفها الثابتة، مقابل ترك أبواب الحوار غير الرسمي مفتوحة من خلال رجال الأعمال والنخب الاقتصادية.

اقرأ المزيد