الرئيس تبون يدعو إلى “طي صفحة الخلافات ووضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة”

الرئيس تبون يدعو إلى “طي صفحة الخلافات ووضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة” - الجزائر
الرئيس تبون يدعو إلى

الجزائر – دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يوم الخميس بالجزائر العاصمة، إلى “طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة” وإلى “وضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة قوية ومهيبة الجانب”، مؤكدا أن “جزائر اليوم تحتاج إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب”.

وحث السيد تبون في أول خطاب له للأمة، عقب أدائه اليمين الدستورية بقصر الأمم، الجزائريين على “طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة التي هي عوامل الهدم والتدمير”، مضيفا أن “الله عز وجل قد أمرنا بنبذ الخلاف والتنازع حتى لا تنفشل وتذهب ريحنا”، وأكد بالقول “إننا جميعا جزائريون ليس فينا من هو أفضل من الآخر إلا بقدر ما يقدمه من عمل خالص للجزائر”.

وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد، “إننا اليوم ملزمون جميعا أينما كنا وأينما وجدنا ومهما تباينت مشاربنا الثقافية والسياسية، بوضع اليد في اليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وتحقيق حلم شباب الحاضر وأجيال المستقبل، في بناء جمهورية جديدة قوية مهيبة الجانب، مستقرة ومزدهرة، مسترشدين في ذلك ببيان ثورة نوفمبر الذي كلما انحرفنا عنه إلا وأصابتنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف والهوان”.


إقرأ أيضا:  الرئيس تبون يجدد التأكيد على مواقف الجزائر اتجاه القضايا العربية


وأكد الرئيس تبون، أن العمل السياسي الذي يعتمده “يستمد روحه من مبادئ ثورة أول نوفمبر التي هي مصدر إلهامنا وعزمنا والمرجع الثابت لكل السياسات التي ننتهجها والمتطلعة إلى جزائر جديدة ومنيعة تتحقق فيها بإرادة الشعب، دولة المؤسسات ويعلو فيها الحق والقانون وتتبوأ فيها كفاءات من الشباب مواقع المسؤولية لتحقيق الوثبة النوعية المبتغاة على درب النهضة الشاملة”.

وشدد رئيس الجمهورية، على أن “جزائر اليوم تحتاج في هذه الأوقات الحساسة، إلى ترتيب الأولويات، تفاديا لمآلات مجهولة العواقب”، مشيرا إلى إعلانه سابقا أن “الدولة ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد جديد قوامه احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان”.

وفي ذات السياق، أبرز السيد تبون أن الشعب الجزائري “لبى نداء الواجب الوطني يوم 12 ديسمبر الماضي وأعاد الجزائر إلى سكة الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية التي لم يطعن فيها”، معتبرا أن “النجاح الكبير للاستحقاق الرئاسي هو ثمرة من ثمار الحراك الشعبي المبارك الذي بادر به الشعب عندما استشعر أنه لابد من وثبة وطنية لوقف انهيار الدولة ومؤسساتها”.

وعبر السيد الرئيس عن شكره للمواطنين الذين “أسهموا في نجاح المسار الديمقراطي الحر والشفاف وعلى وضعهم الثقة في شخصه”، منوها بـ”المجهودات الجبارة للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تمكنت في ظرف وجيز من كسب الرهان وتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة”، كما تقدم بالشكر للمترشحين الآخرين خلال الرئاسيات.

وتوجه رئيس الجمهورية بالشكر أيضا، لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الذي “تحمل بشرف كبير مسؤولية رئاسة الدولة في هذا الظرف الدقيق للأمة”، مشيدا بـ”حنكته في إدارة شؤون البلاد في وقت سادته ظروف حساسة للغاية، وذلك بفضل خبرته الثرية التي كانت مفتاح النجاح في تكريس مقومات العمل المنسجم بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش الوطني الشعبي، مما شكل جسرا آمنا للبلاد للعبور إلى الغد المنشود”.

كما حيا السيد تبون الجيش الوطني الشعبي وعلى رأسه نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح الذي وصفه بـ”المجاهد الوطني الصادق”، على “دوره الكبير في حماية السيادة الوطنية وحماية استقرار البلاد وأمنها ووقفوها سدا منيعا أمام محاولات التدخل الأجنبي والمؤامرات التي تستهدف وحدة الأمة ومرافقة الحراك الشعبي في سبيل تحقيق مطالبه المشروعة”، وهي المطالب التي قال الرئيس أنها “تحققت”، ملتزما بـ”مد اليد للجميع من أجل إكمال تحقيقها في إطار التوافق الوطني وقوانين الجمهورية”.

                              

استراتيجية شاملة لتجاوز الوضع السياسي الراهن واستعادة ثقة الشعب

 

 ولدى حديثه عن الوضع الراهن، أكد رئيس الجمهورية، أن “الأوضاع التي تمر بها البلاد تفرض علينا أكثر من أي وقت مضى أن نحصن حوكمتنا لمعالجة نقاط الضعف ببلدنا، وخلق الظروف اللازمة لإعادة بعث النمو الاقتصادي وضمان إعادة النهوض ببلدنا وإرجاعها لمكانتها بين الأمم والتي لكم تكن لتنصرف عنها أبدا”.

وقصد التصدي لهذه التحديات، شدد السيد تبون على ضرورة “تجاوز معا وبسرعة الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة، مبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف لاستعادة ثقة الشعب في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها”.

وتهدف هذه الاستراتيجية -حسب السيد الرئيس-، إلى “استعادة هيبة الدولة من خلال الاستمرار في مكافحة منتظمة للفساد وسياسة اللاعقاب وممارسات التوزيع العشوائي للريع البترولي”، مضيفا أن هذه الخطوة تهدف أيضا لـ”إطلاق سياسة اجتماعية ثقافية من أجل خلق بيئة ملائمة لازدهار شبابنا والتنمية الاقتصادية من خلال مشاريع منشآت قاعدية كبرى وتشجيع الاستثمار المنتج وتنويع النسيج الصناعي عبر ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنويع النشاط الاقتصادي الذي يخلق الثروة ويوفر مناصب الشغل”.

وأوضح رئيس الجمهورية، أن هذه الاستراتيجية “ستكون مدعومة بسياسة خارجية مكيفة مع مصالح بلدنا الاستراتيجية والاقتصادية ومناسبة مع المتطلبات الظرفية والسياق الجيوسياسي”، مستطردا بالقول أن هذه النظرة “من شأنها تجسيد الالتزامات التي قطعتها على نفسي والتي سيكون تنفيذها على منهجية عمادها الحوار والتشاور”.


إقرأ أيضا:   الرئيس تبون يؤكد على ضرورة تنويع النشاط الاقتصادي المستحدث للثروة


وفي هذا الإطار، قال السيد تبون، “إننا اليوم مقبلون على تضحيات جسام من أجل بناء الجمهورية الجديدة بناء على الالتزامات التي صوت عليها الشعب بشفافية وسيادة”، مذكرا بأهم تلك الالتزامات و”على رأسها تعديل الدستور الذي هو حجر الأساس لبناء الجمهورية الجديدة”.

وجدد رئيس الجمهورية التزامه بتعديل الدستور “خلال الأشهر أو الأسابيع الأولى” من مباشرة مهامه “بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك”، مشيرا إلى أن الدستور “يحدد العهدة الرئاسية مرة واحدة فقط ويقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحصن الجزائر من السقوط في الحكم الفردي ويحق الفصل الحقيقي بين السلطات ويخلق التوازن بينها، ويحدد حصانة الأشخاص ولا يمنح للفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية، ويحمي الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام وحق التظاهر”.

كما التزم السيد تبون، بـ”أخلقة الحياة السياسية وإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة من خلال قانون الانتخابات الجديد، الذي يحدد شروط الترشح للمناصب بوضوح”، معلنا أنه “سيتم تجريم تدخل المال الفاسد في العمل السياسي وشراء الأصوات والذمم، حتى يتمكن الشباب وخاصة الجامعيين منهم من الحصول على فرصة الترشح، على أن تكون حملتهم الانتخابية من تمويل الدولة لحمايتهم من الوقوع فريسة في يد المال الفاسد”.

اقرأ المزيد