في خطوة حاسمة لتعزيز السيادة الاقتصادية ورفع فعالية التجارة الخارجية، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن استحداث هيئتين وطنيتين جديدتين سيتم إطلاقهما رسميًا في شهر مايو المقبل. تأتي هذه المبادرة ضمن مسعى شامل لإعادة هيكلة آليات الاستيراد والتصدير، وتخلي الجزائر التدريجي عن التبعية لقطاع المحروقات كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.
هيئتان جديدتان لمرافقة التحول الاقتصادي
وأوضح الرئيس تبون، خلال إشرافه على افتتاح الطبعة الثانية من اللقاء الوطني مع المتعاملين الاقتصاديين بالجزائر العاصمة، أن الهيئة الأولى ستكون متخصصة في تنظيم وتأطير الواردات، معززة بنظام يقظة فعال لمراقبة حركة الاستيراد وضمان مطابقتها للاحتياجات الحقيقية للسوق الوطنية. أما الهيئة الثانية، فستُعنى بتنظيم ودعم الصادرات الوطنية خارج المحروقات، ومرافقة المصدرين الجزائريين من القطاعين العام والخاص.
وأكد الرئيس أن التصدير، في صيغته المستقبلية، “لن يتم عبر الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية (ألجيكس)”، مشيرًا إلى ضرورة إنشاء أطر أكثر فاعلية واستقلالية لضمان تسهيل عملية التصدير وتحقيق أهداف الجزائر الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.
تحوّل نوعي في التجارة الخارجية
وتابع تبون قائلاً: “بنهاية شهر مايو المقبل، سيتم تأسيس المؤسستين رسميًا”، موضحًا أن هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية شاملة لتحسين حوكمة التجارة الخارجية وتحقيق توازن بين الاحتياجات الوطنية والانفتاح الخارجي.
وأشاد رئيس الجمهورية بما تم تحقيقه خلال السنوات الأخيرة في مجال الصادرات خارج قطاع المحروقات، مؤكدًا أن “تحقيق 7 مليارات دولار من الصادرات غير النفطية قبل سنتين شكل معجزة اقتصادية”، وأن الطموح الحالي هو الوصول إلى 10 مليارات دولار في نهاية العام الجاري.
الاكتفاء الذاتي في القمح الصلب واستقلالية الاقتصاد
وفي سياق متصل، شدد الرئيس تبون على أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي، لا سيما في المنتجات الزراعية الأساسية مثل القمح الصلب، مشيرًا إلى أن الجزائر بدأت بالفعل في إنتاج كميات كافية تلبي احتياجات السوق المحلية، ما يعزز استقلالية البلاد في هذا القطاع الاستراتيجي.
وأضاف أن “الخروج من التبعية للمحروقات هو هدف استراتيجي تعمل الدولة على تجسيده فعليًا”، مشيرًا إلى أن تشجيع التصدير وتنويع الإنتاج يشكلان العمود الفقري لهذا التحول.
مناخ جديد للاستثمار والصناعة
وفي ملف الاستثمار، أعلن تبون عن عزمه “خلق مناخ جديد لريادة الأعمال والصناعة”، مع التركيز على ظهور جيل جديد من رجال الأعمال والصناعيين الجزائريين، يُعرفون بـ “قادة الصناعة” (Capitaines d’industrie).
وأشاد بإسهامات الشباب الجزائري، معتبرًا أن “الشباب الجزائري نظيف ومتحمس للمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني”، مشيرًا إلى أن الحركية الاقتصادية التي تشهدها البلاد هي ثمرة تضافر جهود الشباب والمستثمرين ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري.
إصلاح القطاع البنكي ودعوة للخواص
ولم يغفل رئيس الجمهورية الحديث عن إصلاح النظام البنكي، حيث عبر عن أمله في تعزيز النشاط المصرفي بمساهمة فعلية من البنوك الخاصة، بما يدعم شبكة البنوك الوطنية ويزيد من قدرة الاقتصاد على التمويل الذاتي والمرافقة المالية للمشاريع الإنتاجية.
نحو اقتصاد متوازن ومتنوع
يمثل الإعلان عن هذه الهيئات الجديدة جزءًا من التحولات الكبرى التي تسعى الجزائر إلى تحقيقها ضمن رؤية اقتصادية تقوم على التنويع، الابتكار، وتقليص التبعية للموارد التقليدية. فمع تحفيز التصدير، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحسين مناخ الاستثمار، تتجه الجزائر نحو مرحلة اقتصادية جديدة أكثر مرونة واستقرارًا.
🔴 الرئيس #تبون ينهي مهام الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية…