الذكرى 61 لعيد النصر (19 مارس): منطقة الجنوب دعم استراتيجي للثورة التحريرية

وأكد مشاركون من مختلف جامعات الوطن وبحضور المستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية، عبد المجيد شيخي، على دور سكان مناطق جنوب البلاد ورفضهم لمخططات فرنسا الجهنمية الهادفة إلى تقسيم الجزائر وفصل الجنوب.

وبالمناسبة، تحدث البروفيسور رضوان شافو (جامعة الشهيد حمة لخضر بالوادي) عن دور سكان الولاية السادسة التاريخية ونضالهم ومساهمتهم في دعم قادة جبهة التحرير الوطني على كافة الأصعدة وتحدي الظروف الطبيعية والتضاريس الصحراوية المكشوفة وانتشار القواعد العسكرية الفرنسية بشكل كبير بمناطق الجنوب .

وأضاف ذات المؤرخ أن أغلب ولايات جنوب البلاد كانت قواعد خلفية للثوار، مهمتها تزويد الثورة بالذخيرة التي يتم جلبها من الحدود اللبيبة بفضل التنظيم المحكم للخلايا الجوارية التي كانت تتسم بالسرية التامة.

كما أبرز المتحدث بعض المحطات التاريخية التي لعبت دورا كبيرا في مواصلة مفاوضات إيفيان بين الطرف الجزائري والفرنسي، لاسيما بعد الانتفاضة الشعبية التي شهدتها منطقة ورقلة في 27 فبراير 1962، حيث خرج المتظاهرون رافعين شعارات وطنية تندد بسياسة فرنسا بفصل الجنوب عن الوطن الأم وتطالب بالوحدة الترابية إلى جانب مظاهرات في كل من تقرت والطيبات سقط فيها عدة شهداء بعد صدامات  عنيفة مع القوات الفرنسية.

وأوضح من جانبه المؤرخ لخضر عواريب (جامعة قاصدي مرباح بورقلة) أن “الإستراتجية التي إتبعتها فرنسا الاستعمارية لفصل الجنوب الجزائري عن شماله لم تأت بمحض الصدفة وإنما كانت نتاج عديد المناورات والمخططات التي شرع فيها المستعمر منذ سنة 1947، من خلال فرض سلسلة من القوانين القمعية والإجراءات التعسفية على السكان، بهدف بسط يد البطش على المنطقة الجنوبية واستنزاف خيراتها وجعلها قاعدة لقواتها العسكرية ومركزا لتفجيراتها النووية دون إعارة أي اهتمام لحياة أهاليها”.

وأضاف المتحدث أن ”المحاولات الجهنمية للسلطات الاستعمارية ارتكزت على تجنيد كل إمكانياتها المادية والبشرية لفصل هذه المنطقة عن الجزائر، لكنها وقفت عاجزة أمام صمود الشعب الجزائري الذي ناضل من أجل وحدة وسلامة ترابه وتبين ذلك من خلال مظاهرات 27 فبراير 1962 التي كانت آخر مسمار يطرق في نعش فرنسا الاستعمارية”.

ومن جهته، أشار المؤرخ اقرود محمد (جامعة الجلفة) الى أن الولاية السادسة التاريخية شهدت مواجهات عنيفة ودامية مع الجيش الفرنسي وكذلك انتفاضات شعبية، أبدى فيها سكانها رفضهم للمستعمر الغاشم ومخططاته الجهنمية، لاسيما ما تعلق بمشروع فصل الصحراء الجزائرية وبرهنوا فيها عن تماسكهم بالهوية والوحدة الترابية.

وتطرق في ذات السياق البروفيسور اقرود إلى أهم المعارك التي شهدتها على سبيل الذكر منطقة الجلفة آنذاك، كمعركة التوميات وعمورة وقعيقع ومعركة عين معبد بتاريخ 22 أفريل 1962، حيث سقط فيها سبعة (7) شهداء من مختلف مناطق الوطن مما صنع الوحدة الترابية والتلاحم الشعبي حول الثورة.

وأردف قائلا: “تحديات سكان الجنوب كانت ضد الظروف الطبيعية والأرض المكشوفة والمخططات الاستعمارية وإغراءات المستعمر لبعض الأعيان بمناطق الجنوب والذين رفضوا هذه الإغراءات ومخطط فصل الصحراء عن الوطن الأم”.

ويأتي تنظيم هذا الملتقى  الوطني بعنوان “الطريق إلى النصر بين المناورات الفرنسية لفصل الصحراء وردود الفعل الوطنية” ، بهدف إبراز المواقف السياسية للثورة ضد مشاريع التقسيم والتأكيد على دور الشباب في تخليد المواقف البطولية في الذاكرة الجماعية وكشف مناورات فرنسا الاستعمارية ووسائلها، مثلما أوضحه عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ورقلة، الدكتور ياسين محجر.

وأشار إلى أن من بين أبرز التوصيات التي انبثقت عن أشغال هذا الملتقى التاريخي إنفتاح الجامعة على محيطها الاجتماعي من خلال تنسيق نشاط المخابر وفرق البحث مع المجتمع المدني لحفظ الذاكرة الوطنية وجمع الشهادات والوثائق وتسجيل أشرطة سمعية بصرية ذات الصلة بالثورة التحريرية المجيدة، بالإضافة إلى فتح قسم للتاريخ بجامعة قاصدي مرباح بورقلة.