الذكرى الـ 67 لمعركة تغاسرة ببسكرة: محطة مضيئة للتضحية من أجل استرجاع السيادة الوطنية

بسكرة ـ تعد معركة تغاسرة التي كانت مسرحا لها ناحية عين زعطوط (60 كلم شمال بسكرة) بالولاية السادسة التاريخية قبل 67 سنة إبان فترة الاحتلال الفرنسي  بمثابة محطة مضيئة للتضحية التي خاضها أبطال جيش التحرير في مسار الكفاح المسلح لأجل استرجاع السيادة الوطنية, حسب ما أكده مجاهدون و مهتمون بتاريخ المنطقة.

وأفاد في هذا السياق، عضو جيش التحرير الوطني وهو أيضا أحد المهتمين بتاريخ المنطقة المجاهد عبد المجيد شلواي بن الحسين في حديث لوأج بأن تلك المعركة المعروفة محليا بتسمية “معركة اورشمضاص” قد وقعت بتاريخ 27 سبتمبر 1956 ودامت قرابة عشرين ساعة و ذلك منطقة جبلية ذات تضاريس وعرة و تحديدا في عمق جبل “بني  فرح”، حيث شارك فيها 4 آلاف  جندي من جيش الاحتلال الفرنسي مقابل 180 مجاهدا فقط بجيش التحرير الوطني.

وأضاف بأن القوات الاستعمارية قد أرادت من خلال تلك المعركة الرد على عمليتي تفجير مجاهدين جيش التحرير الوطني للسكة الحديدية أثناء مرور قطار وكذا الهجوم  على المركز العسكري ببلدة معافة بالمنطقة، إذ استغلت قوات جيش الاحتلال الفرنسي معلومات عن انعقاد اجتماع بإقليم عين زعطوط لأفواج من المجاهدين قادمين من عدة مناطق على غرار عين التوتة ومشونش وجمورة والجبل الأزرق, وفقا لما ذكره المتحدث الذي أوضح أنه بناء على تلك المعلومات حشد الغزاة قواتهم ونفذوا هجوما على المجاهدين بعين زعطوط التي كان يعتبرها المجاهدون منطقة محررة ومعبرا آمنا.


اقرأ أيضا :  إحياء ذكرى معركة الجرف الكبرى “رسالة إلى الشباب للاطلاع على تاريخ الثورة”


وقد أسفرت تلك المعركة غير المتكافئة تماما في العدة والعتاد بين عساكر الاحتلال و مجاهدي جيش التحرير الوطني عن مقتل ما لا يقل عن 400 عسكري من القوات الفرنسية و استشهاد 76 مجاهدا و إصابة  8 آخرين بجروح من مجاهدي جيش التحرير الوطني و مدنيين، مثلما أضاف ذات المتحدث، لافتا إلى أن المعركة كانت بمثابة “اختبار حقيقي للمجاهدين من الرعيل الأول بعد أقل من سنتين من اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954”.

 

 أورشمضاص, ملحمة زادت من لهيب الثورة بالمنطقة

 

بالرغم من أن القوات الفرنسية حاولت أن تروج بأن الهجوم على مجاهدي جيش التحرير الوطني كان عقوبة للسكان لتعاونهم مع المجاهدين، فإن صدى المعركة وأسماء القادة الذين شاركوا فيها الذين أصبحوا رموزا بانتصاراتهم قد عزز صفوف الثورة التحريرية بأفواج من الشباب و زاد من احتضان الشعب للقضية الوطنية، وفقا لذات المتحدث.

ويروي المجاهد شلواي في نقله شهادات الذين أنخرطوا في المعركة أن المجاهدين قد دافعوا عن مواقعهم ببسالة و شجاعة رغم عدم تكافؤ القوة بين الطرفين، ذلك أن القوات الفرنسية استخدمت زيادة على العساكر سلاح الدبابات والمدفعية الثقيلة و24 طائرة حربية ومروحيات مقاتلة وقنابل النابلم لحرق مواقع الثوار، لكن حنكة مجاهدي جيش التحرير مكنت من تقليص حجم الخسائر وتفويت الفرصة على جيش الاحتلال.

كما أثبتت تلك المعركة الحاسمة أنها حلقة أسطورية ضمن ملاحم الثورة التحريرية ( 1954 – 1962) التي صنعها مجاهدو جيش التحرير الوطني بالنظر إلى حجم التضحية ونتائجها و إسهامها في امتداد لهيب الثورة، حسب ما تشير إليه وثائق تاريخية التي أبرزت أن قوات الاحتلال بالإمكان إلحاق الخسائر بها و أن أبطال المعركة ليسوا “خارجين عن القانون” كما كانت تدعي فرنسا الاستعمارية.

و من بين الأبطال الذين صنعوا تلك الملحمة قائد المعركة الذي استشهد لاحقا محمد بن بولعيد ورفقائه على سبيل المثال لا الحصر عبد الله عقوني وعمر عساسي وعبد القادر عزيل ومحمد الشريف بن عكشة.

و يؤكد مجاهدون و مهتمون بتاريخ المنطقة بأن تلك المعركة كانت “بداية مرحلة جديدة لتوسيع نطاق الثورة التحريرية و احتضان الشعب لها و تحذير أذناب الاستعمار، لاسيما بعد وصول الشهيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة المدعو (سي الحواس) إلى المنطقة وتنظيم هياكل الولاية السادسة التاريخية.

اقرأ المزيد