الجزائر تحيي الذكرى 74 لمجازر 8 ماي غدا

الجزائر تحيي الذكرى 74 لمجازر 8 ماي غدا - الجزائر

تحيي غدا، الجزائر الذكرى الـ 74 لمجازر 8 ماي 1945 والتي سقط فيها نحو 45 ألف شهيد بنيران الاستعمار الفرنسي.

وتعتبر مجازر 8 ماي التاريخية أحد أبرز الإحداث التي تكشف عن الوجه القبيح لفرنسا إبان تواجدها في الجزائر والذي استمر نحو 132 سنة راح ضحيته ما يقارب مليون ونصف المليون شهيد، وهي الجرائم الوحشية التي يطالب الجزائريون بشدة إعادة فتح ملفاتها واعتراف فرنسا بما ارتكبته من جرائم في حق الشعب الجزائري، لكنها تتجاهلها بشدة وترفض الاستجابة لها.

وقد شكلت مجازر 8 ماي 1945 منعرجا حاسما في تغيير فكر المقاومة الجزائرية وأسست لتوجه جديد قائم على قاعدة ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، كما كشفت الوعود الكاذبة التي قطعتها فرنسا الاستعمارية للشعب الجزائري بغية استعطافه خلال الحرب العالمية الثانية.

كما كانت هذه المجازر التي عايشتها عديد مناطق الوطن وسقط خلالها عشرات الآلاف من الجزائريين ضحايا للآلة الاستبدادية الفرنسية دليل آخر لمدى بشاعة المستعمر الفرنسي وتنصله من جميع صور الإنسانية، ففي الوقت الذي كان الفرنسيون يحتفلون بانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، خرج عشرات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع بكل من سطيف وقالمة وخراطة وكذا في مدن أخرى من الوطن، استجابة لنداء تنظيم مسيرة سلمية من أجل استقلال الجزائر، غير أن رد فعل الإدارة الاستعمارية كان شرسا وعنيفا بحيث أنها أطلقت موجة من القمع الدامي ضد متظاهرين عزل، فخلال أسابيع عدة استعملت القوات الاستعمارية وميليشياتها كل أنواع العنف مع عمليات تقتيل مكثفة لم تستثن لا الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ، وتم قتل أشخاص عزل رميا بالرصاص وتم نقل آخرين على متن شاحنات لرميهم في المنحدرات فيما تم نقل آخرين خارج المدن لقتلهم وبعدها تم حرق جثثهم في خنادق مشتركة.

ولإخفاء جريمته الشنعاء، استعمل الجيش الفرنسي أفران الجير للتخلص من جثث الضحايا، غير أن هذه الأفران ظلت شاهدة على واحد من أفظع الأعمال الإجرامية في التاريخ المعاصر.

وفي الوقت الذي لا تضغط فيه السلطات الجزائرية بشدة من أجل أخذ الاعتراف من الحكومة الفرنسية وهو الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام، نجد بعض الشخصيات الفرنسية المناهضة للاستعمار ترافع لأجل القضية وتتحدى حكومة بلادها على غرار ،هنري بوييو،  وهو شاهدا على حرب التحرير الوطنية، إذ وجه رسالة إلى رئيس الدولة الفرنسية أكد فيها على ضرورة الاعتراف بالجرائم ضد الانسانية” تعذيب واغتصاب والرمي من طائرات الهيلكوبتر والقتل في الغابات رميا بالرصاص في الظهر” وجرائم الحرب “ما بين 600 و800 قرية أبيدت بالنبالم واستعمال غاز الأعصاب”وجرائم الدولة “مجازر 8 ماي 1945 ومجازر 17 أكتوبر 1961 بباريس” وإدانتها والكف عن اعتبارها من مسؤولية منفذيها”.

وقد تجسد هذا الضغط الذي يمارسه الفرنسيون على سلطات بلادهم، من خلال مطالبة مجموعة متكونة من 31 جمعية ونقابة وستة أحزاب سياسية، في نهاية الشهر الماضي، السلطات الفرنسية بتقديم “إشارات قوية وفتح كل الأرشيف وإدراج مجازر 8 ماي في الذاكرة الوطنية ودعم نشر أفلام وثائقية خاصة بتلك الأحداث في التربية الوطنية وكذلك في وسائل الإعلام العمومية”.

وقد اعترف الرئيس ماكرون في 19 مارس الماضي بأن النظام الاستعماري بالجزائر كان ظالما و”تنكر لتطلعات الشعوب لتقرير مصيرها”.

وتثبت أحكام القانون الدولي الخاصة بجرائم الحرب أن المجازر التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية ضد الشعب الجزائري في 8 ماي 1945 لا تسقط بالتقادم، و لا يوجد أي موانع قانونية  لمتابعة فرنسا حتى مع عدم إمكانية “تطبيق المسؤولية الشخصية لكون أن مرتكبي المجازر ليسوا على قيد الحياة”، إلا أنه من حق الجزائر “مطالبة المؤسسات التي كان يمارس فيها هؤلاء الأشخاص مهامهم بإصلاح الضرر بإجراءات قانونية ودبلوماسية”.

ويسعى نشطاء جمعويون وفي مقدمتهم جمعية 8 ماي 1945، إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل المطالبة بتصنيف مجازر 8 ماي كجرائم إبادة جماعية ضد الإنسانية وتسجيلها لدى الأمم المتحدة مع المطالبة بالاعتذار وتعويض الضحايا.

اقرأ المزيد