أصدرت محكمة الجنح بالدار البيضاء في الجزائر العاصمة، يوم الخميس، حكمًا قضائيًا بالسجن خمس سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار ضد الكاتب الفرونكو-جزائري بوعلام صنصال، المتابع بتهم ثقيلة أبرزها المساس بالوحدة الترابية. وجاء الحكم بعد تصريحات أدلى بها لوسيلة إعلامية فرنسية متطرفة “Frontières”، حيث زعم أن جزءًا كبيرًا من منطقة الغرب الجزائري هو أراضٍ مغربية، إضافة إلى اتهامه بحيازة منشورات تهدد الأمن الوطني والإضرار بالاقتصاد الجزائري وإهانة هيئة نظامية.
تفاصيل المحاكمة وموقف صنصال
جرت المحاكمة يوم 20 مارس، حيث رفض صنصال أن يمثله أي محامٍ مفضلًا الدفاع عن نفسه، فيما التمس وكيل الجمهورية توقيع عقوبة أشد بلغت 10 سنوات سجنًا مع غرامة مليون دينار. وكان الكاتب قد أُوقف يوم 16 نوفمبر 2024 عند خروجه من مطار هواري بومدين قادمًا من باريس.
يُذكر أن توقيف صنصال جاء في خضم أزمة دبلوماسية متفاقمة بين الجزائر وفرنسا، والتي تصاعدت منذ يوليو 2024 عقب اعتراف باريس بخطة المغرب الوهمية للحكم الذاتي في الصحراء الغربية المحتلة. وقد زادت هذه القضية من حدة التوتر بين البلدين، خاصة بعد أن اصطف اليمين المتطرف الفرنسي خلف صنصال وطالب بإطلاق سراحه، في خطوة اعتُبرت تدخلاً مفضوحًا في الشأن الداخلي الجزائري.
ردود الفعل الفرنسية وتدخل ماكرون
على إثر صدور الحكم، علّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، مطالبًا الجزائر بالسماح لصنصال بتلقي العلاج خارج السجن، قائلًا: “أعلم أنه يمكنني الاعتماد على الفطرة السليمة وإنسانية السلطات الجزائرية، وعلى أية حال، أتمنى ذلك حقًا”. ودعا ماكرون إلى النظر في وضع صنصال الصحي والسماح له بتلقي الرعاية الطبية خارج السجن.
Détention de #Boualem_Sansal : “Je sais pouvoir compter sur l’humanité des autorités algériennes pour prendre une décision”, déclare #Emmanuel_Macron pic.twitter.com/PvzVVc2Lch
— بوابة الجزائر – Algeria Gate (@algatedz) March 27, 2025
من جانبه، اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حوار مع يومية “لوبينيون” الفرنسية يوم 3 فبراير الماضي أن القضية معقدة ولم يُكشف عن كل أبعادها بعد، مؤكدًا أنها “تهدف للتجنيد ضد الجزائر”. كما كشف تبون أن صنصال تناول العشاء قبيل سفره إلى الجزائر في منزل كزافيي درينكور، السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، المعروف بقربه من وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، وكان مقررًا أن يلتقي به بعد عودته من الجزائر.
أبعاد القضية بين القانون والسياسة
تعكس هذه القضية أبعادًا تتجاوز الجانب القضائي، إذ أصبحت ورقة ضغط في سياق العلاقات الجزائرية-الفرنسية، لا سيما في ظل التدخلات السياسية الفرنسية المتكررة في القضايا الداخلية للجزائر. ويطرح الحكم على صنصال تساؤلات حول مدى استجابة السلطات الجزائرية للضغوط الدولية، في وقت تصر فيه الجزائر على عدم السماح لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية.
خاتمة
بينما يرى البعض أن الحكم على بوعلام صنصال جاء في إطار تطبيق القانون على خلفية تصريحات تمس بالسيادة الوطنية، يرى آخرون أن القضية تحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية مرتبطة بالتوترات الجزائرية-الفرنسية. وفي ظل تعقد القضية وتعدد أطرافها، تبقى تداعياتها مفتوحة على عدة سيناريوهات، خاصة مع استمرار الضغوط الفرنسية التي تعكس رغبة باريس في التأثير على القرار الجزائري.
الجزائر – فرنسا | الرئيسان تبون وماكرون يتفقان على العودة إلى الحوار المتكافئ