الجزائريون يدينون أويحيى في “المحكمة الافتراضية”

شهد شارع عبان رمضان بالجزائر العاصمة، محاكمة شعبية للوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، أقامها عشرات المواطنين الذين تجمعوا أمام محكمة “سيدي أمحمد” منذ ساعات الصباح الباكرة من اليوم الأحد 21 أفريل، في أعقاب إيذاع خبر إستدعاء أويحيى من قبل وكيل الجمهورية.

عاشت محكمة “سيدي محمد” المحاذية لمبنى مجلس الأمة وسوق “السكوار” للعملة يومًا استثنائيًا بامتياز، كيف لا والشخص الذي تم استدعاؤه “إبن النظام السياسي” المدلل، وحارس معبده الوفي الذي قال يومًا من الأيام، بأنه سيقبل بكل المهمات الموكلة له حتى سُمي بـ “رجل المهمات القذرة”.

أمام المدخل الرئيسي للمحكمة، احتشد العشرات قبل أن يرتفع العدد إلى المئات مع مرور الساعات، في انتظار قدوم أحمد أويحيى، الذي واجه وابلًا من الشتائم والتهم من طرف المواطنين الذين رددوا هتافات ” كليتو لبلاد ياسراقين” و”لن نقبل بغير سجن الفاسدين”، ” الشعب يريد تتحاسبو قع” فيما رُفعت لافتات تُطالب جهاز القضاء بالتحرك وفتح ملفات الفساد ومعاقبة ناهبي أموال الخزينة العمومية.

علب “الياغورت” تُحاصر أويحيى

وجلب المتظاهرون علب الياغورت لرميه على الوزير الأول السابق، والانتقام منه على تصريح سابق أدلى به، عندما قال إنه “ليس ضروريًا أن يستهلك الشعب الياغورت حتى يعيش“، وهي العبارة التي ظلت راسخة من أذهان الجزائريين الذين يعتقدون أن أويحيى من أشد المسؤولين الذين ظلموا الشعب طوال العشرين سنة الماضية، بترجيحه كفة النظام على حساب المواطن البسيط.

وقالت إحدى السيدات لـ”tsa عربي” إنها جاءت للمحكمة لرؤية أويحيى وهو يحاسب على أفعاله في فترة تسييره للبلاد، داعية إلى معاقبته في جلسة علنية حتى يكون عبرة أمام الرأي العام.

في الجهة المقابلة، عبّر الشباب عن أراءهم ومطالبهم من مسألة إستدعاء محكمة سيدي محمد لأحمد أويحيى على طريقتهم الخاصة، حيث جلب أحد الشباب “قفة” السجناء، قائلا” أتمنى رؤية أويحيى في الحبس” مضيفًا “فرحتنا ستكتمل عند رؤية هذا المشهد وليس سماعه فقط عبر وسائل الإعلام، كما حصل مع رجل الأعمال علي حداد”.

هل سيُحاكم فعلًا؟

وتُثير مسألة إستدعاء أحمد أويحيى ومحافظ بنك الجزائر السابق، محمد لوكال، لغطًا سياسيًا وقانونيًا في ظل صمت النيابة العامة، وعدم إصدارها بيان توضيحي للرأي العام حول أسباب وخلفيات الاستدعاء.

ولعل أبرز سؤال تم طرحه أمام محكمة سيدي محمد، هل فعلًا سيتم محاسبة أويحيى وإدخاله إلى السجن؟، فالكثير من المواطنين شككوا في ذلك، على اعتبار أن النظام السياسي تعود على إلهاء الرأي العام بقضايا مثيرة للجدل، لتحويل أنظاره عن ملفات تشغله بالدرجة الأولى، ويستند هؤلاء إلى طريقة معالجة ملفات الفساد السابقة على غرار فضيحة القرن (الطريق السيار) وسونطراك، وغيرها، التي انتهت بتبرئة المتهمين الأساسيين كوزير الطاقة الأسبق شكيب خليل.

إشكال قانوني

وتوقف عدد كبير من المحامين عند الإجراءات القانونية التي صاحب إستدعاء أحمد أويحيى، ومحافظ بنك الجزائر محمد لوكال، وإعتبر المحامي والناشط السياسي والحقوقي، عبد الغني بادي، إن “الجزائريين بحاجة إلى عدالة شعبية مستقلة تُحاكم المتهمين بدون إيعاز أو إيحاء ولا نحتاج إلى محاكمة عصابة لأخرى، لأنه سينتج مستنقعًا قذرًا قد يُساق إليه القضاء من حيث لا يدري”.

بالمقابل قال المحامي طارق مراح ” إن إستدعاء أحمد أويحيى ومحمد لوكال يحتمل فرضتين، إما أن الشخصين اللذين تم ذكرهما متهمين أو شاهدين في الملف المتعلق ذ بطبع الأموال أو ما يصطلح عليه بـ”التمويل غير التقليدي”، لأن الشخص الأول الضالع فيه هو أحمد أويحيى ومحمد لوكال عندما كان محافظًا للبنك المركزي.

وأوضح مراح في تصريح للصحافة” أن سبب الاستدعاء يظل مجهولًا لحد الساعة، وكان حريًا على نيابة الجمهورية أن تصدر بيانًا توضح فيه سبب إستدعاء أويحيى ولوكان إلى محكمة عبان رمضان”.

وأشار إلى المادة 177 من الدستور التي تنص “تؤسس محكمة عليا للدولة، تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى، والوزير الأول عن الجنايات والجنح التي يرتكبانها بمناسبة تأدية مهامها” كما تشير المادة إلى” يحدد قانون عضوي تشكيلة المحكمة العليا للدولة وتنظيمها وسيرها وكذلك الإجراءات المطبقة”.

وعليه يؤكد المحامي مصطفى مراح أنه في ظل غياب قانون عضوي لتشكيلة المحكمة العليا فإن النيابة العامة مطالبة بتوضيح الإجراءات التي سيتم الاستناد إليها في محاكمة أويحيى، في حال تم ذلك فعلًا.

بالمقابل عبر المتحدث عن رفضه، توظيف جهاز القضاء في حرب العصب كما وصفها، مشيرا “نحن كمحامين وحقوقيين نرفض أن تكون العدالة أداة في التجاذبات السياسية والعصب نحن سنعمل على إرساء دعائم دولة القانون وأي إستدعاء يجب أن يكون وفق القانون”.

ولحد كتابة هاته الأسطر لم يحضر الوزير الأول السابق أحمد أويحيى إلى محكمة “سيدي أمحمد”، لكن الأكيد أنه صنع الحدث اليوم الأحد 21 أفريل من خلال المحاكمة الافتراضية التي أقيمت له في الشارع  بكل صرامة وحزم، من طرف مواطنين بسطاء عبروا عن رغبتهم في محاسبة “العصابة”، في إنتظار أن يتحرك القضاء.