تشهد الجزائر موجة برد حادة مصحوبة بتقلبات كبيرة في درجات الحرارة، تتفاوت بين الصباح والمساء بفارق يتجاوز 5 درجات مئوية. هذا التباين الكبير يؤثر سلبًا على صحة المواطنين، خاصة الأطفال الذين يُعتبرون الأكثر تأثرًا بسبب ضعف مناعتهم مقارنة بالبالغين.
تأثير الطقس على صحة الأطفال
صرح البروفيسور مصطفى خياطي، اختصاصي أمراض الأطفال ورئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، بأن موجة الصقيع الحالية تُفاقم من إصابات الأطفال بأمراض موسمية. وأوضح أن السبب الرئيسي يكمن في عدم وعي الأطفال بكيفية التعامل مع تغيرات الطقس، خاصة فيما يتعلق باللباس.
وقال خياطي: “الأطفال يغادرون منازلهم صباحًا مرتدين ملابس دافئة لمواجهة البرد، لكنهم ينزعونها عند طلوع الشمس أثناء فترة الدراسة أو اللعب في الفناء، مما يجعل أجسامهم عرضة لتقلبات الطقس ويضعف مناعتهم”. وأضاف أن هذه السلوكيات تؤدي إلى إصابتهم بنزلات برد متكررة، تتسبب في امتلاء المستشفيات بحالات الأطفال الذين يعانون من مضاعفات أمراض الشتاء.
أكثر الأمراض شيوعًا في الشتاء
بحسب البروفيسور خياطي، فإن الإنتانات الصدرية تأتي في مقدمة الأمراض التي تصيب الأطفال خلال فصل الشتاء، حيث قد تؤدي هذه الإصابات إلى الوفاة في بعض الحالات، خاصة بين الرضع أو الأطفال المصابين بأمراض مزمنة. وأشار أيضًا إلى انتشار التهابات الأنف والحنجرة ونزلات البرد المصحوبة بحمى، والتي تُعتبر من الأمراض الشائعة خلال هذه الفترة.
في السياق ذاته، أكد الدكتور عبد الناظر فافا، اختصاصي أمراض الأطفال بمستشفى بلفور بالحراش، أن الاستعجالات الطبية تسجل تصاعدًا ملحوظًا في أعداد المرضى من الأطفال، حيث تشهد المستشفيات استقبال ما بين 3 إلى 5 أطفال يوميًا بسبب التهاب القصبات الهوائية وحدها، وهي الإصابة التي تمثل حوالي 90% من الحالات.
وأضاف فافا أن انتشار الفيروسات خلال فصل الشتاء يتطلب زيادة الوعي بأهمية الوقاية، مثل ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة والمزدحمة. وأشار إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أسابيع أو الذين يعانون من أمراض مزمنة هم الأكثر عرضة لمضاعفات قد تكون قاتلة.
الإحصائيات والتحذيرات
تشير معطيات الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث إلى أن الإنتانات الصدرية تُعد السبب الرئيسي لدخول الأطفال إلى المستشفى، حيث تسجل الجزائر سنويًا حوالي 500 ألف حالة استشفاء بسببها، مع تسجيل 1000 وفاة في صفوف الأطفال دون سن الخامسة.
كما أظهرت الإحصائيات أن الأطفال الذين يعانون من الإنتانات الصدرية بشكل متكرر، بمعدل ثلاث مرات في السنة، يصبحون أكثر عرضة للإصابة بداء الربو.
أما التهابات الأنف والحنجرة، فهي من الإصابات الشائعة التي يتعرض لها الأطفال بمعدل ثلاث مرات خلال موسم الشتاء، خاصة بين تلاميذ المدارس ورياض الأطفال نتيجة الاحتكاك المباشر في الأماكن المغلقة.
نصائح للوقاية
من أجل الحد من انتشار الأمراض الموسمية بين الأطفال، ينصح الخبراء بما يلي:
- ارتداء الأطفال ملابس مناسبة ودافئة خلال فترات الصباح والمساء.
- تجنب الأماكن المزدحمة والمغلقة قدر الإمكان.
- تعليم الأطفال أهمية غسل اليدين بانتظام لمنع انتقال الفيروسات.
- الالتزام بزيارة الطبيب فور ظهور أعراض الحمى أو التهابات الصدر.
تؤكد موجة البرد الحالية على أهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية الأطفال من الأمراض الموسمية، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. ويبقى الوعي والتعاون بين الأسرة والمدرسة هو السبيل الأمثل لتوفير بيئة صحية آمنة للأطفال.
برودة و أمطار الشتاء سيتواصل في الجزائر الى غاية افريل