البنوك العمومية والخاصة في ورطة - الجزائر

البنوك العمومية والخاصة في ورطة

تقف البنوك الجزائرية العمومية والخاصة على السواء بين المطرقة والسندان، الأمر الذي يجعل هذه المؤسسات المالية ذات الطابع التجاري تدخل نفق المعاناة ليس للاستمرار في النشاط فحسب وإنما لتفادي الوقوع في الإفلاس ونقص السيولة كذلك.

الإجراءات التي كانت تتعامل على أساسها الحكومة مع البنوك العمومية بالمقام الأول، أدت إلى وقوع هذه المؤسسات المالية والمصرفية في فخ من نوع خاص، من منطلق أنّ هذا النوع من البنوك كانت على تتلقى على مدار السنوات العشرين الماضية الأوامر بمنح القروض لمتعاملين أو أشخاص معينين بالاتصالات الهاتفية، ولم يكن الوضع القائم ليسمح لها بمناقشة التعليمات أو عدم تنفيذها.

وعلى هذا الأساس، فإنّ البنوك الآن مطالبة بتحصيل قروض بنكية بالملايير استفاد منها رجال أعمال نافذين ومؤسساتهم يعرفون الآن بـ”العصابة” ومتواجدون خلف القضبان في مجموعة القضايا المتشابكة، وهو الوضع الذي يجعل البنوك العمومية التي تحتل حصة الأسد في السوق الوطنية بسيطرة على أكثر من 75 في المائة من النشاط المصرفي، غير قادرة على الاستمرار، لاسيما وأنّ الدولة تعاني مع هؤلاء المتعاملون في مساعي استرجاع الأموال المنهوبة، التي أسالت مؤخرا الكثير من الحبر عبر وسائل الاعلام، من منطلق أنّ هذه الأموال هربت نحو الخارج وعلى مستوى ما يعرف بـ”الجنات أو الملاذات الضريبية” بالمقام الأول.

وعلى الرغم من هذا، فإنّ الوضع الاقتصادي الحالي يفرض على البنوك العمومية أيضا تحمل النصيب الكبير من المسؤولية، من خلال تطهير مخلّفات الممارسات السابقة، عبر العمل على انقاذ المؤسسات العمومية الاقتصادية الآيلة إلى إشعار حالة الإفلاس، وضخ الملايير الإضافية في خزينة شركات كان من المفروض أن تحقق الأرباح ناهيك عن ضمان أجور العمال والموظفين، وأبرز مثال على القرض البنكي الأخير الذي استفادت منه المؤسسة الوطنية لصناعات الأجهزة المنزلية “أونيام” بقيمة 1.1 مليار دينار من بنك الجزائر الخارجي.

وبالموازاة مع ذلك، فإنّ البنوك الخاصة تخوض معارك على مستوى جهاز العدالة من أجل استيفاء قروضها الممنوحة لرجال الأعمال المسجونين حاليا، والذين عينت لهم الدولة متصرفين إداريين، كما هو الشأن بالنسبة للمشوار الماراثوني الذي خاضته المؤسسة المالية والمصرفية الفرنسية “بي أن بي بريبا” من تحصيل قرضها الممنوح لشركة حداد للأشغال العمومية والبناء منذ سنة 2006 لشراء 17 في المائة من شركة “فرتيال” المتخصصة في مجال الأسمدة، وهي القضية التي تراوح مكانها منذ العديد من السنوات.

اقرأ المزيد