الأمم المتحدة تحتفل الثلاثاء بيومها العالمي في ظل تحديات كبيرة تواجهها المعمورة

الأمم المتحدة تحتفل الثلاثاء بيومها العالمي في ظل تحديات كبيرة تواجهها المعمورة

الجزائر – تحتفل الأمم المتحدة غدا الثلاثاء بيومها العالمي، المصادف لدخول ميثاق المنظمة حيز التنفيذ عام 1945، في ظل تحديات كبيرة يواجهها العالم، أبرزها النزاعات المسلحة و إنعدام السلام والإستقرار في عديد من دول المعمورة على غرار فلسطين المحتلة، التي يواجه أهلها عدوانا صهيونيا غير مسبوق، إلى جانب أزمة المناخ والتنمية و أزمات أخرى تستدعي التعجيل بإعادة إصلاح منظومة الهيئة الدولية من أجل عالم تسوده العدالة والمساواة والحقوق للجميع.

و بتصديق غالبية الموقعين على هذه الوثيقة التأسيسية, في 24 أكتوبر 1945 بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن, ظهرت الأمم المتحدة رسميا على الساحة الدولية لتحقيق عديد من الاهداف المنشودة لدى البشرية جمعاء, و أهمها السلم والامن والعدالة والمساواة.

و في عام 1971, أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة, الدول الأعضاء بالاحتفال بهذا اليوم, حيث تحتفي الدول الأعضاء بالجهود التي تبذلها المنظمة من أجل إحلال السلام العالمي.

و اضافة الى الحفاظ على السلم والامن, تعهدت الامم المتحدة في ميثاق تأسيسها بالعمل على “انقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”, و أكدت إيمانها ب”الحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها”, كما تعهدت ب”تحقيق العدالة و احترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي, والدفع بالرقي الاجتماعي قدما, ورفع مستوى الحياة في جو من الحرية”.

و من الأهداف الأخرى التي تبنتها المنظمة, تطوير علاقات ودية بين الدول على أساس احترام مبادئ الحقوق المتساوية وتقرير المصير للشعوب وتحقيق التعاون العالمي لحل المشكلات الدولية, و احترام وتعزيز حقوق الإنسان, و أن تكون الأمم المتحدة مركزا يمكن للبلدان من خلاله تنسيق تحركاتهم و أنشطتهم تجاه تحقيق هذه الغايات العديدة.

و قد أقر الامين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, في رسالة بمناسبة الذكرى ال78 لتأسيس هيئته, بوجود انقسامات في العلاقات الدولية, وحث دول العالم على نبذها وتحقيق الوحدة, قائلا في هذا السياق: “عالمنا منقسم, ويمكننا بل ويجب علينا أن نكون أمما متحدة”.

و أبرز تطلع المنظمة وتصميمها على “التغلب على الانقسامات و استعادة العلاقات المتضررة وبناء السلام لفتح وجهات نظر جديدة وضمان العدالة والمساواة والتمكين للنساء والفتيات وتقديم مساعدة حيوية للمحتاجين والتمكين من خلال تنوعها من مواجهة التحديات التي لم تكن موجودة عندما تأسست المنظمة”.

و من ضمن التحديات التي اشار إليها غوتيريش, “أزمة المناخ التي تهدد وجودنا ذاته, فضلا عن مخاطر ووعود الذكاء الاصطناعي”.

و شدد على أن “القيم والمبادئ التي توجه الأمم المتحدة خالدة ويجب أن نواصل تعزيز أساليب عملنا والتكيف مع حقائق القرن الحادي والعشرين”, داعيا الى “الالتزام ببناء مستقبل جدير باسم منظمتنا التي لا غنى عنها”.

 

 السلام في فلسطين والصحراء الغربية لايزال مفقودا 

 

 

و تأتي الذكرى ال78 لتأسيس الأمم المتحدة, وهي أكبر منظمة عالمية دولية, تضم في عضويتها 193 دولة مستقلة وذات السيادة الكاملة على أراضيها في العالم, وسط استمرار غياب السلام, أحد أهم الاهداف التي تأسست من أجلها المنظمة, في عديد من دول المعمورة, على غرار فلسطين التي لا يزال شعبها يعاني من ويلات أبشع احتلال في العصر الحالي, وسط عجز الهيئة الاممية ومعها المجتمع الدولي على انهاء جرائم هذا الاحتلال التي تزداد شراسة في ظل غياب المساءلة.

فمنذ السابع من أكتوبر الجاري, يشن الكيان الصهيوني حرب ابادة حقيقية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية عبر استهداف المدنيين ومنازلهم والمستشفيات والمساجد والكنائس وفرق الاسعاف وتدمير شبه كلي للبنية التحتية وقطع الماء والكهرباء والغذاء والوقود وكل مقومات الحياة عن الفلسطينيين, في مسعى لفرض الاحتلال كأمر واقع وتجريد و اقتلاع أصحاب الارض الاصليين من أرضهم التاريخية, وسط صمود وثبات هذا الشعب.

و يحدث ذلك في ظل عجز تام للمجتمع الدولي وعلى رأسه الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي على ممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال الصهيوني و اجباره على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الامم المتحدة, الهيئة الدولية الاولى المسؤولة والمكلفة بالحفاظ على السلم والامن في العالم, ووسط ازدواجية معايير مفضوحة و انحياز أمريكي وغربي رسمي و اعلامي واضح, للكيان الصهيوني ولجرائمه المقترفة بحق الفلسطينيين.

و بالصحراء الغربية, آخر مستعمرة في افريقيا, ينتظر الصحراويون منذ أكثر من 30 سنة تنظيم استفتاء يسمح لهم بتقرير مصيرهم, وهو الاستفتاء الذي أقره مخطط التسوية الأممي-الافريقي في 1991, غير أن تقاعس المجتمع الدولي وسياسة الأمم المتحدة في إدارة النزاع بدلا من حله, يبقيان الشعب الصحراوي تحت وطأة الاحتلال المغربي منذ 1975.

و فضلا عن النزاعات المسلحة التي تشهدها عديد من الدول, يعد تغير المناخ, الذي أقرت 154 دولة بأنه “بشري المصدر”, احدى الازمات الحادة التي يواجهها العالم نظرا لما خلفه من كوارث طبيعية تزايدت خلال السنوات الاخيرة بشكل خطير, اذ شهد كوكب الارض ارتفاعا قياسيا لدرجات الحرارة, فضلا عن أعاصير مدمرة أدت الى أزمة غذاء ونزوح غير مسبوق.

و رغم المؤتمرات والنقاشات والاتفاقيات المتوصل إليها بشأن الحد من الاحترار العالمي, لاتزال هذه الازمة تفرض نفسها بإلحاح, ما يستدعي تطبيق اتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ المتوصل إليها عام 1992 وتحديد سبل تنفيذ القرارات ذات الصلة.

و مع احتفال الامم المتحدة بالذكرى ال78 لدخول ميثاقها حيز التنفيذ والتحديات الجمة التي يواجهها العالم, تتجدد المطالب الداعية الى ضرورة التعجيل بإدخال اصلاحات على المنظمة الاممية, وخاصة مجلسها الأمني.

و تعد الجزائر من بين الدول التي ما فتئت تطالب بضرورة اصلاح الهيئة الاممية وتعزيز العمل متعدد الاطراف لمواجهة التحديات الراهنة, وذلك ما أكده رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, في كلمة له خلال اجتماع لجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن للأمم المتحدة, المنعقد بمناسبة القمة ال36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في فبراير الماضي بأديس أبابا, تلاها الوزير الأول, السيد ايمن بن عبد الرحمان.

و قال الرئيس تبون أن الجزائر جعلت من مسألة إصلاح مجلس الامن “ضرورة حتمية لتحقيق نظام دولي اكثر تمثيلا وعدلا وتوازنا” لا سيما في ظل السياق الدولي الحساس الذي “تفاوتت فيه الازمات والتداعيات التي تحمل في طياتها بوادر تغيرات جديدة لموازين القوى على الساحة الدولية”.

كما لفت رئيس الجمهورية في كلمته خلال الدورة ال78 للجمعية العامة للأمم المتحدة, في سبتمبر الماضي, الى أن الجزائر, التي فازت بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن خلال الفترة 2024-2025, “ناضلت منذ حوالي 50 سنة من منبر الأمم المتحدة من أجل إصلاح مكامن الخلل في النظام الدولي الحالي ودعت إلى نظام دولي جديد تكون فيه المساواة بين الدول التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة”.