الأسقف هنري تيسيي : رجل “ملتزم” اختار الجزائر التي كان يكن لها حبا شديدا - الجزائر

الأسقف هنري تيسيي : رجل “ملتزم” اختار الجزائر التي كان يكن لها حبا شديدا

الأسقف هنري تيسيي : رجل

الجزائر – كان أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي الذي توفي في أول ديسمبر 2020, رجلا “ملتزما” اختار الجزائر مغامرا بحياته, حسبما أكده يوم الأربعاء بالجزائر, العديد من المتدخلين الذين أشادوا بروح الراحل أثناء مراسم دفنه المنظمة بكاتدرائية السيدة الإفريقية.

وبهذه المناسبة, وجه ممثل الطريقة العلاوية, الشيخ خالد بن تونس, رسالة قرأتها نيابة عنه إحدى أقاربه ذكر فيها أن الراحل رجل الدين “قاوم كل المحن التي عرفتها الكنيسة في الجزائر وكل الأحداث التي مرت بها البلاد”.

وقال أن “هنري تيسيي قرر دون تردد أن يواصل العيش إلى جانب اخوته الجزائريين مقدما مثالا يحتذى به في الشجاعة والأخوة”, مضيفا أنه فقد فيه “صديقا كان يتقاسم معه نفس الحب للأمير عبد القادر”, قبل أن يذكر أن الفقيد عمل سنة 2018 على تطويب 19 راهبا من قبل الكنيسة الكاثوليكية الذين اغتيلوا من طرف الجماعات الاسلامية المتطرفة.

وقرأ ممثل الفاتيكان, سيمون كاساس, رسالة البابا فرنسوا الذي ترحم على روح الراحل وأبرز التزامه الديني لخدمة الخالق والكنيسة “بشجاعة”.

من جهته, أشاد سفير فرنسا بالجزائر, فرنسوا غوييت, “برجل التسامح والثقة” في شخص تيسيي, واصفا إياه “بمصدر إلهام لا مثيل له”, إذ التزم “أمام الله والرجال”.

وبعد ان تطرق إلى تمسكه بوطنه الثاني, قال الدبلوماسي :”لم يفكر تيسيي أبدا في مغادرة الجزائر بالرغم من أن هذا الخيار كان يعرضه للخطر بل قرر تقاسم مصير الشعب الجزائري”, قبل أن يشير إلى أن الفقيد “كان يستمد شجاعته من إيمانه الراسخ وحبه الشديد الذي يكنه لهذه الأرض ولهؤلاء الذين يعيشون فيها”.

وأضاف السفير الفرنسي أن الأسقف تيسيي كان “محاطا بهؤلاء الذين كانوا يعتبرونه كأب”, مذكرا أن رجل الدين وضع تحت جناحه الحامي خلال سنوات 1990, عشرات الأشخاص بما فيهم مفكرين وصحفيين هروبا من التهديد الإرهابي المتطرف.

وبعد أن شكر السلطات الجزائرية التي سمحت بترحيل جثمان الفقيد إلى الجزائر لدفنه, أكد أسقف الجزائر, بول ديفارج أن سابقه كان “ملتزما إلى جانب الجزائر منذ حرب التحرير”.

وقد حضر كل من أخت وابن أخ الراحل, ميراي ريبار وباتريك ديستريمو على التوالي, المراسم الدينية المخصصة لقريبهم ليتقاسما مع الحضور فاجعة رحيل الفقيد, واصفان إياه بشخصية “هادئة وبسيطة ومثقفة ومرحة”.


اقرأ أيضا :      وفاة أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي : الحفل الجنائزي بكاتيدرائية السيدة الإفريقية بالعاصمة


وأشارت أخت الراحل أن الأسقف تيسيي من خلال حضوره في الكنيسة الجزائرية, ساهم في إطلاع أقربائه على “الحوار الاسلامي-المسيحي”, مشيدة بالكتاب الذي خصصه “لرجل القيم العالية” ألا وهو الأمير عبد القادر.

وقال ابن أخ الفقيد أن تيسيي انسانا متميزا. اختار البساطة والوفاء والجزائر الجزائرية. وبالرغم من أصوله الفرنسية, اختار طلب الجنسية الجزائرية والجزائر تعترف به كواحد من أبنائها”.

وصرحت نادية آيت زاي, رئيسة مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة, أن تيسيي ناضل لصالح “جميع القضايا بما فيها حقوق المرأة, مذكرة بافتتاح المؤسسة التي تترأسها من طرف الفقيد سنة 2002.

و من جهة اخرى, اشارت المحامية و رئيسة “الجمعية من اجل المساواة” الى الالتزامات العديدة للفقيد اتجاه الجزائر, لا سيما “خلال السنوات السوداء”, مضيفة ان هذا الاخير كان يتقن العربية و العديد من اللغات الاخرى لا سيما الأمازيغية.

كما تطرق الباحث و المؤرخ و مدير مجلة “النقد”, دحو جربال, الذي احتك بالفقيد الراحل هنري تسيي, الى “التضحيات” التي قدمها رجال الدين التابعين للكنيسة الجزائرية خلال حرب التحرير الوطني, مشيرا الى مبادلاته و تعاونه مع الراحل.

 

== رجل دين كان يشجع البحث و الباحثين ==

 

كما تطرقت المديرة الحالية لمركز ديوسيزان ب “غليسين” (الجزائر), شانتال فانكلاك, الى البعد الفكري للفقيد تيسيي و كذا النشاطات العديدة لمعهد باستور من اجل تشجيع البحث على جميع الجبهات علاوة على دعم الباحثين, مشيرة الى استحداث تكوين في مجال علم الاسلام.

و انطلقت جنازة الفقيد على الساعة 9 صباحا بإلقاء نظرة على جثمان الفقيد و توثيق شهادات اجلال للراحل في السجل الذهبي الذي وضع تحت تصرف المواطنين و الشخصيات الاخرى, حيث انتهت حوالي الساعة 4 مساء بدفن جثمان الفقيد داخل كاتدرائية السيدة الافريقية.

و بخصوص مكان دفن الفقيد, اكد القس ديفارج بالقول “اتخذ هذا القرار نظرا للدور الهام الذي لعبه الفقيد لمصلحة الكنيسة. كما تمثل كاتدرائية السيدة الافريقية مكان ذو رمزية عالية بالنسبة للكنيسة كونها تحتضن كل النشاطات الهامة. في الاخير, و نظرا للعلاقات الوطيدة بين الكاردينال دوفال و القس تيسيي كونهما تشاركا نفس المسار و التعلق بالجزائر”.

وكان جثمان أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي, المتوفي بمدينة ليون الفرنسية عن عمر ناهز 91 سنة, قد وصل منتصف نهار أمس الثلاثاء إلى مطار هواري بومدين الدولي.

كما تمت إقامة حفل ديني في نفس اليوم في كنيسة السيدة الافريقية على الساعة 17:00 و تم بثه مباشرة على صفحة الفايسبوك الخاصة بالكنيسة.

كما تم يوم الأحد السابق تنظيم قداس جنائزي بكاتيدرائية سانت-جان-بابتيست بمدينة ليون لتكريم الراحل, بحضور سفير الجزائر بفرنسا محمد عنتر داود و العديد من ممثلي الكنيسة الكاثوليكية.

وقد كان السيد هنري تيسيه, الذي يعد أحد أتباع النوميدي العالمي, القديس أوغوستين, وفكره, “نذيرًا للعيش معًا”, حيث اختار ان يتحصل على الجنسية الجزائرية نظرا لتعلقه بالجزائر التي دافع عليه في مختلف الظروف لا سيما خلال اللحظات العصيبة.

و تم تعيين الفقيد كراعي للابريشية الجزائرية سنة 1955 ثم اسقف وهران من طرف البابا بولس السادس سنة 1972 قبل ان يصبح بعدها اسقف الجزائر سنة 1988.

اقرأ المزيد