إدانة واستنكار لإعلان الخارجية الأمريكية باعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون

إدانة واستنكار لإعلان الخارجية الأمريكية باعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون - الجزائر
إدانة واستنكار لإعلان الخارجية الأمريكية باعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون

الجزائر – تصر الإدارة الأمريكية الحالية على المضي قدما في سياستها الداعمة للاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ضاربة عرض الحائط كافة الأعراف والمواثيق الدولية، فبعد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، هاهي تعلن عن اعتبار المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة “غير مخالفة للقانون”، الأمر الذي لاقى اسنكارا وإدانة واسعة.

فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أمس الإثنين، أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة “لا تتعارض مع القانون الدولي”، موضحا أن “الإدارة الأمريكية الحالية قد تراجعت عن المواقف التي اتخذتها سابقتها تحت حكم الرئيس باراك أوباما، فيما يتعلق بالموقف من المستوطنات وتعتبر أن تشييدها في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي”.

ويعتبر هذا الإعلان الأمريكي، تراجعا عن رأي قانوني صدر عن الخارجية الأمريكية في العام 1978، يقضي بأن المستوطنات في الأراضي المحتلة “لا تتوافق مع القانون الدولي”.


إقرأ أيضا:       مجلس الأمن يناقش غدا إعلان واشنطن بـ “شرعية” المستوطنات الإسرائيلية


وردت الرئاسة الفلسطينية على إعلان بامبيو “المرفوض”، حيث أكد نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئيس الفلسطيني، أنه “يتعارض كليا مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الرافضة للاستيطان، وقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار رقم (2334)”، مشددا على أن الإدارة الأمريكية “غير مؤهلة أو مخولة بإلغاء قرارات الشرعية الدولية ولا يحق لها أن تعطي أية شرعية للاستيطان الإسرائيلي”.

كما أكد المسؤول الفلسطيني أن “الرئاسة الفلسطينية ترفض هذه التصريحات وما سبقها من قرارات بشأن القدس” باعتبارها قرارات “غير قانونية وتهدد الأمن والسلم الدوليين”.

ولطالما شكل ملف الاستيطان العقبة الأساسية أمام محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، وبالرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 لعام 2016 نص على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وطالب بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وكذا عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967، غير أن ذلك لم يمنع الاحتلال الإسرائيلي من المضي في سياسته الاستيطانية التوسعية وإعلانه عن بناء آلاف الوحدات السكنية منذ ذلك الوقت.

 

مباحثات في مجلس الأمن وإدانة دولية للقرار

 

وكرد فعل أولي على هذا الإعلان، يبحث مجلس الأمن الدولي، يوم غد الأربعاء – في جلسته الشهرية بشأن الشرق الأوسط – إعلان واشنطن ب”شرعية” المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة.

فقد كشف المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن مجلس الأمن سيعقد جلسة غدا حول القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الموقف الأمريكي المنافي للقانون والشرعية الدولية، سيكون محور النقاش في هذا الاجتماع.

وأعلن الدبلوماسي الفلسطيني عن شروعه في مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن، لحشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الأمريكي، كما أنه قد بعث برسائل متطابقة للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن (بريطانيا)، ورئيس الجمعية العامة، تتضمن موقف دولة فلسطين، الذي يدين ويرفض تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة “غير القانونية” بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وسرعان إعلان وزير الخارجية الأمريكي عن موقف بلاده من المستوطنات الإسرائيلية، أدانت جامعة الدول العربية بأشد العبارات هذا القرار، واعتبرته “تطورا  بالغ السلبية”، كما حذرت من أن هذا “التغيير المؤسف” في الموقف الأمريكي من شأنه أن يدفع جحافل المستوطنين الإسرائيليين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية ضد السكان الفلسطينيين

وأكدت الأمانة العامة للجامعة، أن القانون الدولي “يصيغه المجتمع الدولي كله، وليس دولة واحدة مهما بلغت أهميتها”، مشددة على أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية “يظل احتلالا  يدينه العالم أجمع، وأن الاستيطان يظل استيطانا باطلا من الناحية القانونية، وعارا على من يمارسه أو يؤيده من الزاوية الأخلاقية.

كما أعربت الجامعة العربية، عن انزعاجها “الشديد” حيال الاستخفاف بمبدأ قانوني مستقر نص عليه القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي- وبالذات اتفاقية جنيف الرابعة – والذي يحظر على القوة القائمة بالاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي الواقعة تحت احتلالها، مؤكدة أن تغيير الولايات المتحدة لموقفها “يضرب ما تبقى من شرعيتها الأخلاقية في هذا الموضوع، ويخصم تماما من مصداقيتها كقوة عالمية يفترض أن تحترم القانون ، وأن تعمل على تنفيذه”.

ومن جهته، أكد البرلمان العربي، رفضه “القاطع” للإعلان الأمريكي، الذي يشكل “انتهاكا صارخا” للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشددا على أن الإعلان “باطل ولا يترتب عليه أي أثر  قانوني، ولا يمنح أي شرعية للاستيطان الإسرائيلي”، محذرا  من تبعاته الخطيرة وعواقبه الوخيمة على النظام الدولي.

وقال أنه “يؤسس لإملاءات وإرادات منفردة خارج القانون والنظام الدولي، ويتحدى الإجماع الدولي، ويكرس الاستيلاء على الأراضي بالقوة والاحتلال البغيض، ويزيد من الاحتقان والتوتر وعدم الاستقرار، ويعرض السلم والأمن في المنطقة والعالم لخطر داهم”.

وبدوره، جدد الاتحاد الأوروبي، إدانته لسياسة إسرائيل ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، فيدريكا موغيريني، أن موقف الاتحاد الأوروبي من سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة واضح ولم يتغير، ويرفض كل النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويقوض قابلية حل الدولتين للحياة واحتمالات السلام الدائم، كما تم التأكيد عليه من خلال قرار مجلس الأمن 2334.

وقالت المسؤولة الأوروبية أن “الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لاستئناف عملية هادفة نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض، وهو السبيل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق الطموحات المشروعة لكلا الطرفين”، داعية الاحتلال الإسرائيلي إلى “إنهاء جميع الأنشطة الاستيطانية، تماشيا مع التزاماتها كقوة محتلة”.