أتعاب الأطباء والمحامين والموثقين مرشحة للالتهاب - الجزائر

أتعاب الأطباء والمحامين والموثقين مرشحة للالتهاب

وجد وزير المالية الوافد غير الجديد على الوزارة عبد الرحمان راوية نفسه في ورطة بدخول قانون المالية لسنة 2020 حيز التطبيق، والمتضمن لأحكام جبائية “غير مدروسة” سيدفع ثمنها ككل مرة الجزائريون من ذوي الدخل المحدود، ما يرسخ نفس ممارسات الحكومات السابقة التي كانت تلجأ عند كل أزمة مالية إلى جيوب المواطنين لملء الخزينة العمومية التي أفرغت من أموالها جراء السياسات الاقتصادية المتعاقبة الفاشلة.

يأتي قانون المالية لهذه السنة، في شطره المتعلق بالنظام الضريبي المفروض على المهن الحرة، متناقضا مع الوعود التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف العبء الجبائي المفروض عليهم في شكل الضريبة على الدخل الإجمالي، فبصفة غير مباشرة سيتسبب قرار إدارة الضرائب القاضي بإلحاق المهن الحرة بالنظام الجبائي الحقيقي، التصريح المراقب، في رفع أسعار العديد من الخدمات التي يلجأ المواطن فيها إلى القطاع الخاص، سيما بالنسبة للخدمات الطبية في ظل انعدام متابعة جدية في المستشفيات العمومية، وأيضا ما تعلق بأتعاب المحامين والموثقين والمحاسبين وغيرها من النشاطات التابعة للمهن الحرة.

وبهذا سيحرم العديد من المواطنين من اللجوء إلى الأطباء الخواص وحتى أطباء الأسنان، بعد رفض هؤلاء للنظام الجبائي المفروض عليهم في إطار قانون المالية لـ2020، ما سيدفعهم لرفع أسعار خدماتهم لتغطية الخسائر التي سيتكبدونها بفعل الانتقال من نظام الضريبة الجزافية إلى النظام الجبائي الحقيقي.

وحسب خبراء في المالية اتصلت بهم “الخبر”، “فإن تغيير النظام الجبائي المفروض على المهن الحرة سينجر عنه زيادات في العبء الضريبي الخاص بهذه الفئة، والذي سيزيد من 12% من الإيرادات السنوية إلى ما فوق 30% بعد إدراج رسوم إضافية، مثل الرسم على القيمة المضافة والرسم على النشاط المهني”.

وسيضطر أصحاب المهن الحرة، انطلاقا من نهاية شهر جانفي المقبل، من التصريح الضريبي لإيراداتهم شهريا، بعد أن كان ذلك يتم سنويا أو مرتين في العام. وبانتقال أصحاب المهن الحرة من الضريبة الجزافية إلى التصريح المراقب، سيضطر هؤلاء إلى دفع رسم على النشاط بمعدل 2% ورسم على القيمة المضافة “تي في أ” بنسبة تتراوح بين 9% و19% حسب طبيعة النشاط، وهي أتعاب إضافية سيتم إدراجها في الفواتير المدفوعة من طرف المواطنين.

على صعيد آخر، تساءل الخبراء عن فحوى تحويل أصحاب المهن الحرة إلى النظام الجبائي الحقيقي، خاصة أن هذا الإجراء سيكلف أعباء ومهام إضافية لإدارة الضرائب المحدودة الإمكانيات من حيث أعوان المراقبة.

وأثار قرار تغيير النظام الجبائي حالة استياء كبيرة في أوساط أصحاب المهن الحرة، حيث هدد المحامون بالتصعيد والدخول في إضراب مفتوح في حال عدم إلغاء النظام الجبائي الجديد الذي وصفوه بالجائر.

فهل ستتراجع حكومة الوزير الأول الجديد عبد العزيز جراد عن الأحكام الجبائية “غير المدروسة” المتضمنة في قانون المالية لهذه السنة؟ وهي التي تعمل جليا على إعادة الثقة بين السلطة الحالية والشعب، أم سيخطو على خطى من سبقه في الحكومات المتعاقبة بالاستمرار في استنزاف جيوب الجزائريين؟